والتعبّد الشرعي المكشوف عنه بالروايات ؛ فإنّ الوقف متعلّق لحقّ الله ؛ حيث يعتبر فيه التقرّب ويكون لله تعالى عمله وعليه عوضه.
وقد يرتفع بعض هذه الموانع فيبقى الباقي ، وقد يرتفع كلّها ، وسيجيء التفصيل.
هل الوقف يبطل بنفس البيع أو بجوازه
ثمّ إنّ جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف إلى أن يباع ، فالوقف يبطل بنفس البيع لا بجوازه ، فمعنى جواز بيع العين الموقوفة : جواز إبطال وقفها إلى بدل أو لا إليه ؛ فإنّ مدلول صيغة الوقف وإن أُخذ فيه الدوام والمنع عن المعاوضة عليه ، إلاّ أنّه قد يعرض ما يجوِّز مخالفة هذا الإنشاء ، كما أنّ مقتضى العقد الجائز كالهبة تمليك المتّهَب المقتضي لتسلّطه المنافي لجواز انتزاعه من يده ، ومع ذلك يجوز مخالفته وقطع سلطنته عنه ، فتأمّل.
كلام صاحب الجواهر في أن الوقف يبطل بمجرد جواز البيع
كلام كاشف الغطاء في ذلك أيضاً
إلاّ أنّه ذكر بعضٌ في هذا المقام : أنّ الذي يقوى في النظر بعد إمعانه : أنّ الوقف ما دام وقفاً لا يجوز بيعه ، بل لعلّ جواز بيعه مع كونه وقفاً من التضادّ. نعم ، إذا بطل الوقف اتّجه حينئذٍ جواز بيعه ، ثمّ ذكر بعض مبطلات الوقف المسوّغة لبيعه (١). وقد سبقه إلى ذلك بعض الأساطين في شرحه على القواعد ، حيث استدلّ على المنع عن بيع الوقف بعد النصّ والإجماع ، بل الضرورة ـ : بأنّ البيع وأضرابه ينافي حقيقة الوقف ؛ لأخذ الدوام فيه ، وأنّ نفي المعاوضات مأخوذ فيه ابتداءً (٢).
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٣٥٨.
(٢) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٨٥.