فلا يعتبر قبولهم (١) أو قبول الحاكم فيها للجهات (٢) وإن احتمل ذلك أو قيل. ودعوى أن الوصيّة لها ليست من الوصيّة التمليكية بل هي عهدية ، وإلّا فلا يصح تمليك النوع أو الجهات ، كما ترى (٣).
وقد عرفت سابقاً قوة عدم اعتبار القبول مطلقاً ، وإنما يكون الرد مانعاً ، وهو أيضاً لا يجري في مثل المذكورات ، فلا تبطل بردّ بعض الفقراء مثلاً ، بل إذا
الوصي بدفع ديونه وتفريغ ذمته. ففيه تنفذ الوصيّة ويلزم الوصي القيام بها ، سواء أقبل الموصى له أم لم يقبل.
وقد يفرض توفقه على القبول وعدم تحققه قهراً ، كما لو أوصى بهبة داره له ، أو بيعه له بنصف ثمن مثله. ففيه أيضاً لا يكون عدم قبوله موجباً لبطلان الوصيّة ، فإن القبول إنما يعتبر في صحّة العقد الموصى به لا في صحّة الوصيّة ، وإنما يوجب رفضه جعل الوصيّة متعذر المصرف. وحينئذ فيبقى الموصى به على ملك الميت ، ولا يكون إرثاً لأنه قد أبقاه على ملكه ، غاية الأمر أنه عين له مصرفاً معيناً وهو متعذر ، نظراً لرفض الموصى له ، فيصرف في وجوه البر مع تحري الأقرب فالأقرب إلى الوصيّة.
وهذا بخلاف الوصيّة التمليكية ، بناءً على اعتبار القبول فيها. فإن الموصي قد أخرج الموصى به عن ملكه وملّكه للموصى له ، فإذا رفض الموصى له القبول كشف ذلك عن بطلان الوصيّة. ومن هنا فينتقل الموصى به إلى ملك الورثة ، حيث لم يبقه الموصي على ملكه.
إذن يصح أن يقال وعلى نحو الإطلاق : إن القبول غير معتبر في الوصيّة العهدية سواء في ذلك الموصى إليه والموصى له.
(١) لعدم إمكانه من الكلي والنوع والجهة ، وقبول الأشخاص وإن أمكن إلّا أنه لا يجدي ، باعتبار أن قبولهم ليس قبولاً للكلي.
(٢) لعدم الدليل عليه ، بل مقتضى إطلاقات أدلّتها نفوذها من غير قبول.
(٣) لما تكرر منّا غير مرة ، من أن الملكية ليست من الأعراض الخارجية كي تحتاج إلى معروض خارجي ، وإنما هي من الاعتبارات ، وهي كما يصحّ تعلقها بالكلي يصح أن تكون للكلي ، كما التزموا بذلك في باب الخمس والزكاة والوقف بلا خلاف.