وعلى الثاني وهو ما إذا كان لأحدهما بينة يثبت مدعى من له البيّنة. وهل تسقط دعوى الآخر ، أو يجري عليه قواعد الدعوى من حلف المنكر أو ردّه؟ قد يدعى القطع بالثاني ، لأنّ كل دعوى لا بدّ فيها من البيّنة أو الحلف. ولكن لا يبعد تقوية الوجه الأوّل ، لأنّ البيّنة حجّة شرعية ، وإذا ثبت بها زوجية إحدى الامرأتين لا يمكن معه زوجية الأُخرى ، لأن المفروض عدم إمكان الجمع بين الامرأتين ، فلازم ثبوت زوجية إحداهما بالأمارة الشرعية عدم زوجية الأُخرى (١).

وعلى الثالث فإما أن يكون البينتان مطلقتين ، أو مؤرختين متقارنتين ، أو تاريخ أحدهما أسبق من الأُخرى.

فعلى الأوّلين تتساقطان ، ويكون كما لو لم يكن بينة أصلا (٢).


(١) والأمارات الشرعية حجة في لوازمها ، سواء أكان الشاهد والمخبر ملتفتاً إلى الملازمة أم لم يكن.

هذا وقد يقال : إن حجية البيّنة بالنسبة إلى الدعوى الثانية مبنية على الالتزام بحجية البيّنة من المنكر أيضاً ، كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب واستظهرناه في محله ، باعتبار أن قولهم عليهم‌السلام : «واليمين على المدعى عليه» لا يعني عدم قبول البيّنة منه ، بل إنما يعني أنه ليس مطالباً بها كالمدعي ، وإنما هو مطالب باليمين خاصّة ، وإلّا فلو أقام هو البيّنة باختياره فهي مسموعة لإطلاقات أدلّة حجيتها. وأما بناءً على عدم قبولها منه كما عليه المشهور ، فلا مجال لقبولها بالنسبة إليها ، بل لا بدّ من الرجوع إلى يمين المنكر ، أو اليمين المردودة منه على المدعي.

وفيه : أنّ المقام ليس من مصاديق النزاع المتقدم. فإن البيِّنة هذه ليست بيِّنة للمنكر كي يبحث في حجيتها وعدمها ، وإنما هي بينة خارجية قامت على عدم مشروعية زوجية المرأة الثانية له ، فلا تسمع دعواها من هذه الجهة ، سواء أقلنا بحجية بيّنة المنكر أم لم نقل.

(٢) لعدم إمكان الجمع بينهما ، لتعارضهما وتكاذبهما ، وعدم وجود مرجح لإحداهما على الأُخرى.

۳۸۵