ثانيتهما : أن لا تكون المعقودة عليها معيّنة بحسب الخارج بالاسم أو الوصف أو الإشارة بالنسبة إلى الزوج والشهود ، وإنما تكون هي متعيّنة لدى الأب خاصّة حيث قصد هو واحدة بعينها فأجرى العقد عليها وقَبِل الزوج ذلك ، ثمّ وقع الخلاف بينهما ، فقال الأب : إنما زوجتك ابنتي الكبرى ، وقال الزوج : إنما قبلت زوجية بنتك الصغرى ، ومن ثمّ لم يحصل التطابق بين الإيجاب والقبول.

وفيها فالأصحاب على قولين :

التفصيل بين رؤية الزوج لهن أجمع ، فيكون القول قول الأب. وعدمها ، فيحكم ببطلان النكاح ، لصحيحة أبي عبيدة الحذاء.

والبطلان تمسكاً بالقاعدة ، حيث عرفت أن أصالة الصحّة لا أثر لها في مثل المقام بعد اطراح صحيحة أبي عبيدة بدعوى إعراض الأصحاب عنها ، أو لكونها من أخبار الآحاد كما عن ابن إدريس.

وليس فيها قول بالتحالف لأحد على الإطلاق ، بل لا موضوع له في المقام ، فإنه إنما يكون في فرض وجود مدعيين ومنكرين وليس المقام منه ، فإنّ كلّاً منهما إنما يخبر عمّا في نفسه وما نواه في إيجابه أو قبوله ، من دون أن يكون هناك إنكار لدعوى الآخر.

فما أفاده قدس‌سره من ذهاب المشهور في المسألة إلى التحالف من خلط هذه المسألة بالمسألة السابقة.

وكيف كان ، فالصحيح في هذه المسألة هو القول الأوّل ، أعني التفصيل بين رؤيته لهنّ وعدمها. فإنّ رواية الحذاء صحيحة سنداً وواضحة دلالة ، وقد عمل بها جملة من الأصحاب ، كالشيخ (١) وأتباعه (٢) والعلّامة (٣) والمحقِّق (٤) بل نسب في الرياض العمل بها إلى الأكثر (٥). وحملها على بعض المحامل تعسف محض.

__________________

(١) النهاية : ٤٦٨.

(٢) انظر السرائر ٢ : ٥٧٣.

(٣) قواعد الاحكام ٢ : ٤.

(٤) شرائع الإسلام ٢ : ٣٢٣.

(٥) رياض المسائل ٢ : ٧٠.

۳۸۵