هذا وقد يتوهّم أنّ الإجازة المتأخرة ، بأن يؤجر الإنسان فعلاً داره من بعد شهر مثلاً ، من هذا القبيل.

إلّا أنه واضح الفساد. فإن الإجازة بالنسبة إلى المنافع الآتية إنما هي أشبه شي‌ء بالواجب المعلق ، حيث إن التمليك فيها إنما يكون من الآن ، غاية الأمر أن متعلق الملكية والمملوك متأخر عن الإنشاء زماناً.

وقد يكون على أمر مشكوك الحصول ، سواء أكان أمراً فعلياً أم متأخراً. وقد حكم الأصحاب فيه بالبطلان أيضاً ، بلا فرق بين أن يكون التعليق من قبيل الشرط المتأخر أو الشرط المقارن.

هذا وقد ذكر في وجه البطلان في الأوّل : أن الوجود والإيجاد وإن كانا أمرين متغايرين بحسب الاعتبار ، لكنهما في الواقع أمر واحد وحقيقة واحدة ، وإن الاختلاف بينهما إنما ينشأ من حيث إضافة هذا الأمر الواحد ، فإنه إن أُضيف إلى الماهية عبّر عنه بالوجود ، وإن أُضيف إلى الفاعل عبّر عنه بالإيجاد ، فاختلافهما إنما هو بالاعتبار خاصة ، وإلّا فهما عنوانان لشي‌ء واحد ومتّحدان واقعاً.

ومن هنا فلا مجال للفصل بينهما ، بحيث يقال بتحقق الإيجاد دون تحقّق الوجود فإنه أمر ممتنع لاستلزامه الخلف.

وفيه : مضافاً إلى أنه لو تمّ فهو إنما يختص بالأُمور الحقيقية ولا يأتي في شي‌ء من الأُمور الاعتبارية التي منها المقام ، حيث إن الأمر فيها سهل المئونة فلا مانع من اعتبار الإيجاد بالفعل والوجود متأخراً عنه ، أنه مبني على كون الإنشاء إيجاداً للمعنى باللفظ. لكنك قد عرفت بطلانه مفصلاً في المباحث الأُصولية ، وأن الإنشاء إنما هو إبراز لما في النفس على حد الإخبار ، وإن اختلفا في قصد الحكاية وعدمه. وعليه فكما يصح تعلق الإخبار بأمر متأخر يصحّ إنشاء الأمر المتأخر أيضاً ، فيعتبر بالفعل الزوجية غداً وهو أمر معقول وممكن ، وأدلّ دليل على إمكانه هو وقوعه في الخارج كما هو الحال في الوصيّة والتدبير على ما عرفت.

هذا بالنسبة إلى البطلان في التعليق على أمر متأخر معلوم الحصول على نحو الشرط المقارن. وأما بالنسبة إلى البطلان في التعليق على أمر مشكوك الحصول ، فقد

۳۸۵