كانت الشهادة على غير ما يوجب الحدّ وإلّا فالدية ، والحال إنه ليس فيه أي غرور. فيكشف ذلك عن أن الحكم ليس من هذه الجهة ، وإنما هو من جهة فرض الشارع المقدّس للشاهد هو المتلف ، فيضمن وإن لم يكن هو المباشر ، لأقوائية السبب عن المباشر حينئذ.

ثمّ إنه قد يستدلّ على الحكم بروايات ثلاث :

الاولى : خبر رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام إلى أن قال ـ : وسألته عن البرصاء ، فقال : «قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة زوّجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها ، وأن المهر على الذي زوّجها ، وإنما صار المهر عليه لأنه دلسها. ولو أن رجلاً تزوّج امرأة ، وزوّجها إياه رجل لا يعرف دخيلة أمرها ، لم يكن عليه شي‌ء ، وكان المهر يأخذه منها» (١).

بدعوى أن المستفاد من التعليل ، أعني قوله عليه‌السلام : «لأنه دلسها» عموم الحكم لجميع موارد التدليس ، وعدم اختصاصه بموردها.

وفيه : أن أصل الحكم في مورد الرواية وإن كان مسلماً لدلالة جملة من النصوص المعتبرة عليه ، إلّا أنه لا مجال للتعدي عن موردها إلى غيره ، لقصورها دلالة وسنداً.

أمّا الأوّل : فلأن غاية ما تفيده هو الرجوع على الذي قد دلّس بالمهر خاصة ، وأما الرجوع بكل ما يخسره الزوج نتيجة للزواج والتدليس فلا دلالة لها عليه ، وحيث إن كلامنا في المقام إنما هو في قيمة الولد لا المهر ، تكون الرواية أجنبية عن محلّ الكلام ولا تصلح للاستدلال.

وأمّا الثاني : فلكونها ضعيفة سنداً لوقوع سهل بن زياد في طريقه ، وهو ممن لم تثبت وثاقته.

الثانية : رواية إسماعيل بن جابر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته ، فسأل عنها فقيل : هي ابنة فلان ، فأتى أباها فقال : زوّجني ابنتك ، فزوّجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد أنها غير ابنته وأنها أمة ، قال : «تردّ

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب ٢ ح ٢.

۳۸۵