بكثيرٍ إلى الدرجة التي لا تفسح المجال للإحساس بالحاجة الشديدة إلى وضع علم الاصول ، ولهذا نجد أنّ الإمامية بمجرّد أن انتهى عصر النصوص بالنسبة اليهم ببدء الغيبة أو بانتهاء الغيبة الصغرى بوجهٍ خاصٍّ تفتّحت ذهنيّتهم الاصولية وأقبلوا على درس العناصر المشتركة.
وهذا لا يعني ـ طبعاً ـ أنّ بذور التفكير الاصوليّ لم توجد لدى فقهاء أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، بل قد وجدت هذه البذور منذ أيام الصادقين عليهماالسلام (١) على المستوى المناسب لتلك المرحلة.
ومن الشواهد التأريخية على ذلك : ما ترويه كتب الحديث (٢) من أسئلةٍ ترتبط بجملةٍ من العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ، وجّهها عدد من الرواة إلى الإمام الصادق وغيره من الأئمة عليهمالسلام ، وتلقَّوا جواباً منهم ، فإنّ تلك الأسئلة تكشف عن وجود بذرة التفكير الاصوليّ عندهم.
ويعزِّز ذلك : أنّ بعض أصحاب الأئمّة ألَّفوا رسائل في بعض المسائل الاصولية ، كهشام بن الحكم من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام الذي روي أنّه ألَّف رسالةً في الألفاظ (٣).
__________________
(١) راجع تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ٣١٠
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٤٧٧ ، الباب ٤١ من أبواب النجاسات ، الحديث الأول. و ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي. و ١ : ٤١٢ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث الأول
(٣) انظر فهرست النجاشي : ٤٣٣ الرقم ١١٦٤ ، وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ٣١٠ ـ ٣١١