وإذا لاحظنا المرجّح الأوّل وجدنا أنّه مرتبط بصفتين :
إحداهما : مخالفة الخبر المرجوح للكتاب الكريم.
والاخرى : موافقة الخبر الراجح له.
أمّا الصفة الاولى فمن الواضح أنّ المخالفة على قسمين :
أحدهما : المخالفة والمعارضة في حالات التعارض غير المستقرّ ، كمخالفة الحاكم للمحكوم ، والخاصّ للعام.
والآخر : المخالفة والمعارضة في حالات التعارض المستقرّ ، كالمخالفة بين عامّين متساويَين أو خاصَّين كذلك.
وخبر الواحد إذا كان مخالفاً للكتاب من القسم الثاني فهو ساقط عن الحجّيّة في نفسه ، حتّى إذا لم يعارضه خبر آخر ؛ لِمَا تقدّم (١) في مباحث الدليل اللفظيّ من أنّ حجّيّة خبر الواحد مشروطة بعدم معارضته ومخالفته لدليلٍ قطعيّ ، وكنّا نقصد بالمخالفة هناك المخالفة على نحو التعارض المستقرّ.
وأمّا إذا كان خبر الواحد مخالفاً من القسم الأوّل فهو المقصود في رواية عبدالرحمان.
وأمّا الصفة الثانية ـ وهي موافقة الخبر الراجح للكتاب الكريم ـ فلا يبعد أن يُراد بها مجرّد عدم المخالفة لا أكثر من ذلك ، بقرينة وضوح عدم مجيء جميع التفاصيل وجزئيات الأحكام الشرعيّة في الكتاب الكريم.
وعلى هذا فالمرجّح الأوّل هو : أن يكون أحد الخبرين مخالفاً للكتاب الكريم مخالفة القرينة لِمَا يقابلها ، فإنّ الخبر المتّصف بهذه المخالفة لو انفرد لكان قرينةً على تفسير المقصود من الكتاب الكريم وحجّةً في ذلك ، ولكن حين
__________________
(١) مضى البحث عنه تحت عنوان : تحديد دائرة الحجيّة