ونلاحظ : أنّ الرواية غاية ما تدلّ عليه الترغيب في الاتّقاء ، وليس فيها ما يدلّ على الإلزام.

ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام من أنّه قال لكميل : «يا كميل ، أخوك دِينُك فاحتَطْ لدينك بما شئت» (١).

ونلاحظ : أنّ الرواية وإن اشتملت على أمرٍ بالاحتياط ولكنّه قيّد بالمشيئة ، وهذا يصرفه عن الظهور في الوجوب ، ويجعله [ظاهراً] في إفادة أنّ الدين أمر مهمّ ، فأيّ مرتبةٍ من الاحتياط تلتزم بها تجاهه فهو حسن.

ومنها : ما عن أبي عبدالله عليه‌السلام : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» (٢).

ونلاحظ : أنّ هذا البيان لا يكفي لإثبات الوجوب ؛ إذ لم يدلّ دليل على وجوب الأورعيّة.

ومنها : خبر حمزة بن طيّار : أنّه عرض على أبي عبدالله عليه‌السلام بعض خطب أبيه ؛ حتّى إذا بلغ موضعاً منها قال له : كُفّ واسكت ، ثمّ قال [أبو عبدالله عليه‌السلام] : لايسعكم في ما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّالكفّ عنه والتثبّت ؛ والردّ إلى أئمّة الهدى حتّى يحملوكم فيه على القصد ، ويُجلوا عنكم فيه العمى ، ويعرّفوكم فيه الحقّ ، قال الله تعالى : ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكرِ إِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ (٣).

ونلاحظ : أنّ هذه الرواية تأمر بالكفّ والتريّث من أجل مراجعة الإمام وأخذ الحكم منه ، لابالكفّ والاجتناب بعد المراجعة وعدم التمكن من تعيين الحكم ، وما نريده هو إجراء البراءة بعد المراجعة والفحص ؛ لما سيأتي من أنّ البراءة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٦

(٢) المصدر السابق : ١٦٢ ، الحديث ٢٩

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٥ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣ ، والآية : ٤٣ من سورة النحل

۴۷۲۱