المناسب له. فينتج : أنّ الله تعالى لا يجعل المكلّف مسؤولاً تجاه تكليفٍ غير واصل ، وهو المطلوب.
وقد اعترض الشيخ الأنصاريّ على هذا الاستدلال (١) : بأنّ إرادة الجامع من اسم الموصول غير ممكنة ؛ لأنّ اسم الموصول حينئذٍ بلحاظ شموله للتكليف يكون مفعولاً مطلقاً ، وبلحاظ شموله للمال يكون مفعولاً به ، والنسبة بين الفعل والمفعول المطلق تغاير النسبة بين الفعل والمفعول به ، فإنّ الاولى هي نسبة الحدث إلى طورٍ من أطواره ، والثانية هي نسبة المغاير إلى المغاير ، فيلزم من استعمال الموصول في الجامع إرادة كلتا النسبتين من هيئة ربط الفعل بمفعوله ، وهو من استعمال اللفظ في معنيين ، مع أنّ كلّ لفظٍ لا يستعمل إلاّفي معنىً واحد.
ومنها : قوله تعالى : ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (٢).
وتقريب الاستدلال بالآية الكريمة : أنّها تدلّ على أنّ الله تعالى لا يعذّب حتّى يبعث الرسول ، وليس الرسول إلاّكمثالٍ للبيان ، فكأ نّه قال : لا عقاب بلا بيان.
ويمكن الاعتراض على هذا الاستدلال : بأنّ غاية ما يقتضيه نفي العقاب في حالة عدم صدور البيان من الشارع ، لا في حالة صدوره وعدم وصوله إلى المكلّف ؛ لأنّ الرسول إنّما يؤخذ كمثالٍ لصدور البيان من الشارع ، لا للوصول الفعليّ إلى المكلّف ، وما نحن بصدده إنّما هو التأمين من ناحية تكليفٍ لم يصل إلينا بيانه حتّى ولو كان هذا البيان قد صدر من الشارع.
ومنها : قوله تعالى : ﴿قُلْ لا أَجدُ في ما اوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً عَلى طَاعِمٍ يطْعَمُهُ إلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمَاً مَسْفُوحاً أَو لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإنَّهُ رجْسٌ أَوْ فسْقاً اهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بهِ
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٢ : ٢١ ـ ٢٢
(٢) الإسراء : ١٥