فقيل : إنّ مرجعه إلى التخيير العقليّ (١) ، بمعنى أنّه وجوب واحد متعلّق بالجامع بين الشيئين تبعاً لقيام الملاك به ، سواء كان هذا الجامع عنواناً أصيلاً ، أو عنواناً انتزاعيّاً كعنوان (أحدهما).

وقيل : إنّ مرجعه إلى وجوبين مشروطين (٢) ، بمعنى أنّ كلاًّ من العِدلين واجب وجوباً مشروطاً بترك الآخر ، ومردّ هذين الوجوبين إلى ملاكين وغرضين غير قابلين للاستيفاء معاً ، فمن أجل تعدّد الملاك وقيام ملاكٍ خاصّ بكلٍّ من العِدلين تعدّد الوجوب ، ومن أجل عدم إمكان استيفاء الملاكين معاً جعل الوجوب في كلٍّ منهما مشروطاً بترك الآخر.

وقد لوحظ على التفسير الثاني بأنّ لازمه :

أوّلاً : تعدّد المعصية والعقاب في حالة ترك العِدلين معاً (٣) ، كما هو الحال في حالات التزاحم بين واجبين لو تركهما المكلّف معاً.

وثانياً : عدم تحقّق الامتثال عند الإتيان بكلا الأمرين ، إذ لا يكون كلّ من الوجوبين حينئذٍ فعليّاً (٤) ، وكلا اللازمين معلوم البطلان.

وتوجد ثمرات تترتّب على تفسير الوجوب التخييري بهذا الوجه أو بذاك ، وقد يذكر منها : جواز التقرّب بأحد العِدلين بخصوصه على التفسير الثاني ؛ لأنّه متعلّق للأمر بعنوانه ، وعدم جواز ذلك على التفسير الأوّل ؛ لأنّ الأمر متعلّق بالجامع ، فالتقرّب ينبغي أن يكون بالجامع المحفوظ في ضمنه ، كما هي الحالة في سائر موارد التخيير العقليّ.

__________________

(١) قاله المحقّق الخراساني في كفاية الاصول : ١٧٤

(٢) نقله الاصوليّون في كتبهم كالمحقّق النائيني رحمه‌الله راجع فوائد الاصول ٢ : ٢٣٢

(٣) فوائد الاصول ٢ : ٢٣٤

(٤) راجع : نهاية الدراية ٢ : ٢٧٠

۴۷۲۱