للوجوب أيضاً لم يكن المكلّف مسؤولاً عقلاً من قبل ذلك الوجوب عن إيجاده ، وإنّما هو مسؤول متى ما وجد القيد عن إيجاد ذات الواجب وإيجاد تقيّده بذلك القيد.

وإن لم يكن القيد قيداً للوجوب بل كان قيداً للواجب فهذا يعني أنّ الوجوب فعليّ حتّى لو لم يوجد هذا القيد. وإذا كان الوجوب فعليّاً فالمكلّف مسؤول عن امتثاله والإتيان بمتعلّقه ـ وهو المقيّد ـ وكان عليه حينئذٍ عقلاً أن يوفّر القيد لكي يوجد المقيّد الواجب.

ونستخلص من ذلك :

أوّلاً : أنّه كلّما كان القيد قيداً للوجوب فقط فلا يكون المكلّف مسؤولاً عن إيجاد القيد.

وثانياً : أنّه كلّما كان القيد قيداً للواجب فقط فالمكلّف مسؤول عن إيجاد القيد.

وثالثاً : أنّه كلّما كان القيد قيداً للوجوب وللواجب معاً ، فالمكلّف غير مسؤولٍ عن إيجاد القيد ، ولكنّه مسؤول عن إيجاد التقيّد حينما يكون القيد موجوداً.

وإذا ضممنا إلى هذه النتائج ما تقدّم من أنّه لا إدانة بدون قدرة ، وأنّ القدرة شرط في التكليف نستطيع أن نستنتج القاعدة القائلة : «إنّ كلّ القيود التي تؤخذ في الواجب دون الوجوب لابدّ أن تكون اختياريّةً ومقدورةً للمكلّف» ؛ لأنّ المكلّف مسؤول عن توفيرها ، كما عرفنا آنفاً ، ولا مسؤوليّة ولا تكليف إلاّبالمقدور ، فلابدّ إذن أن تكون مقدورة ، وهذا خلافاً لقيود الوجوب ، فإنّها قد تكون مقدورةً كالاستطاعة ، وقد لا تكون كزوال الشمس ؛ لأنّ المكلّف غير مسؤولٍ عن إيجادها.

۴۷۲۱