منها علم الاصول بكامله ، ولكنّها تختلف في مستوى العرض كمّاً وكيفاً وتتدرّج في ذلك فيعطى لطالب الحلقة الاولى أو الثانية قدر محدّد من البحث في كلّ مسألة ، ويؤجّل قدر آخر إلى المسألة من الحلقة التالية ، وهذا التأجيل يقوم : إمّا على أساس تقدير قابلية استيعاب الطالب وتفادي تحميله ما يفوق هذه القابلية ، أو على أساس أنّ القدر الآخر مبنيّ على مطالب ونكاتٍ متواجدةٍ في مباحث اخرى من المسائل الاصولية ولم تعطَ فعلاً للطالب ، فيؤجَّل ذلك القدر من المسألة إلى أن يعطى للطالب هذه النكات التي يرتبط ذلك القدر بها.
ولم يتمثّل التدرّج في العرض في كلّ حلقةٍ بالنسبة إلى سابقتها [فحسب] بل تمثّل أيضاً في نفس الحلقة الواحدة وفقاً لنفس الأسباب من الناحية الفنية ، فالحلقة الثانية تتصاعد بالتدريج ، والحلقة الثالثة يعتبر الجزء الثاني منها أعلى درجةً من الجزء الأوّل ؛ لأنّ الطالب كلّما قطع شوطاً أكبر في الدراسة تعمّق ذهنياً من ناحية ، وازداد استيعاباً للمطالب الاصولية من ناحيةٍ اخرى ، وذلك يرشِّحه لتقبّل المزيد من التحقيق في ما يرتبط بتلك المطالب ويتوقّف عليها من نكات المسائل الاخرى وحيثياتها.
ثالثاً : أنَّا لم نجد من الضروريّ حتى على مستوى الحلقة الثالثة استيعاب كلّ الأدلّة التي يستدلّ بها على هذا القول أو ذاك ، فبالنسبة إلى أصل البراءة والاحتياط ـ مثلاً ـ لم نُحِط بكلّ الآيات والروايات التي استدلّ بها على هذا أو ذاك ؛ لأنّ هذه الإحاطة إنّما تلزم في بحث الخارج ، أو في تأليفٍ يخاطب به العلماء من أجل تكوين رأيٍ نهائي ، فلا بدّ حينئذٍ من فحصٍ كامل. وأمّا في الكتب الدراسية لمرحلة السطح فليس الغرض منها ـ كما تقدم ـ إلاّ الثقافة العامّة والإعداد ، وعلى هذاالأساس كنّا نؤثر في كلّ مسألة الأدلّة ذات المغزى الفنّي ، ونهمل ما لايكون له محصّل من الناحية الفنية.
رابعاً : أنّا تجاوزنا التحديد الموروث تأريخياً للمسائل الاصولية ، وأبرزنا ما