الحجّيّة ، أو بما هي معرّف صرف للوثوق الغالب بالمضمون دون أن يكون لوثاقة الراوي دخل بعنوانها؟
فعلى الأوّل والثاني لا يكون الخبر المذكور حجّة ، وعلى الثالث يكون حجّة. وعلى هذه التقادير تبتني إثباتاً ونفياً مسألة انجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور من قدماء العلماء ، فإنّ عمل المشهور به يعتبر أمارةً على صحة النقل ، فقد يدخل في نطاق الكلام السابق.
وأمّا باللحاظ الثاني فيعتبر في الحجّيّة أمران :
أحدهما : أن يكون الخبر حسّيّاً لا حدْسيّاً.
والآخر : أن لايكون مخالفاً لدليلٍ قطعيّ الصدور من الشارع ، كالكتاب الكريم.
أمّا الأوّل فلعدم شمول أدلّة الحجّيّة للأخبار الحدسيّة.
وأمّا الثاني فلِمَا دلّ من الروايات على عدم حجّيّة الخبر المخالف للكتاب الكريم (١) ، فإنّه يقيّد أدلّة حجّيّة الخبر بغير صورة المخالفة للكتاب الكريم ، أو ما كان بمثابته من الأدّلة الشرعيّة القطعيّة صدوراً وسنداً.
قاعدة التسامح في أدلّة السنن :
ذكرنا : أنّ خبر غير الثقة إذا لم تكن هناك أمارات على صدقه فهو ليس بحجّة ، ولكن قد يستثنى من ذلك : الأخبار الدالّة على المستحبّات ، أو على مطلق الأوامر والنواهي غير الإلزاميّة ، فيقال بأ نّها حجّة في إثبات الاستحباب أو الكراهة ما لم يعلم ببطلان مفادها. ويستند في ذلك إلى رواياتٍ (٢) فيها الصحيحة وغيرها دلّت على أنّ من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثواب على عملٍ فعمله كان له مثل
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٩ ـ ١١١ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠ و ١٢ و ١٤
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٨٠ ، الباب ١٨ من أبواب مقدمة العبادات