افتراض أسئلةٍ وأجوبةٍ كثيرة ، فلو لم يكن خبر الثقة حجّةً لكان هذا يعني تضافر النصوص بذلك في مقام الجواب على أسئلة الرواة ، ومع توفّر الدواعي على نقل ذلك لابدّ من وصول هذه النصوص إلينا ولو في الجملة ، بينما لم يصل إلينا شيء من ذلك ، بل وصل مايعزِّز الحجّيّة ، وهذا يعيِّن : إمّا استقرار العمل بأخبار الثقات بدون استعلام ، وإمّا استقراره على ذلك بسبب الاستعلام وصدور البيانات المثبتة للحجّيّة.

ثانياً : أنّ السيرة الثابتة بالبيان السابق إذا كانت سيرةً لأصحاب الأئمّة بما هم متشرّعة فهي تكشف عن الدليل الشرعيّ بلا حاجةٍ إلى ضمّ مقدّمة ، وإذا كانت سيرةً لهم بما هم عقلاء ضممنا إليها مقدمةً اخرى ، وهي : أنّ الشارع لم يردع عنها ، إذ لو كان قد ردع بالدرجة الكافية لأثّر هذا الردع من ناحيةٍ في هدم السيرة ، ولوصل إليها شيء من نصوص الردع.

ثالثاً : أنّ الآيات الناهية عن العمل بالظنّ قد يتوهّم أنّها تردع عن السيرة ؛ لأنّ خبر الواحد أمارة ظنّيّة فيشمله إطلاق النهي عن العمل بالظنّ. ولكنّ الصحيح أنّها لا تصلح أن تكون رادعة ؛ وذلك لأنّنا أثبتنا بالفعل انعقاد السيرة المعاصرة للأئمّة على العمل بأخبار الثقات في الشرعيّات ، وهذا يعني ـ بعد استبعاد العصيان ـ إمّا وصول دليلٍ إليهم على الحجّيّة ، أو غفلتهم عن اقتضاء تلك النواهي للردع ، أو عدم كونها دالّةً على ذلك في الواقع ، وعلى كلٍّ من هذه التقادير لا يكون الردع تامّاً.

ومثل ذلك يقال في مقابل التمسّك بأدلّة الاصول ، كدليل أصالة البراءة ـ مثلاً ـ لإثبات الردع بإطلاقها لحالة قيام خبر الثقة على خلاف الأصل المقرّر فيها.

رابعاً : أنّ عدم الردع يكشف عن الإمضاء ، وهذا واضح بعد إثبات امتداد السيرة إلى الشرعيّات وجريانها على إثبات الحكم الشرعيّ بخبر الثقة ، الأمر الذي يعرِّض الأغراض الشرعيّة للتفويت لو لم تكن مرضيّة ، مضافاً إلى أنّ ظاهر الحال في أمثال المقام هو الإمضاء ، كما تقدّم.

۴۷۲۱