بالاحتياط.
ومنها : آية السؤال من أهل الذكر ، وهي قوله تعالى : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاّرجَالاً نُوحِي إلَيْهِمْ فَاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (١).
وتقريب الاستدلال : أنّ الأمر بالسؤال يدلّ بإطلاقه على وجوب قبول الجواب ولو لم يفِدِ العلم ؛ لأنّه بدون ذلك يكون الأمر بالسؤال في حال عدم إفادة الجواب للعلم لغواً ، وإذا وجب قبول الجواب ولو لم يفِدِ العلم ثبتت الحجّيّة.
وقد اتّضح الجواب ممّا سبق ، إضافةً إلى أنّ الأمر بالسؤال في الآية ليس ظاهراً في الأمر المولويّ لكي يستفاد منه ذلك ؛ لأنّه وارد في سياق الحديث مع المعاندين والمتشكِّكِين في النبوّة من الكفّار ، ومن الواضح أنّ هذا السياق لا يناسب جعل الحجّيّة التعبّديّة ، وإنّما يناسب الإرشاد إلى الطرق التي توجب زوال التشكّك ودفع الشبهة بالحجّة القاطعة ؛ لأنّ الطرف ليس ممّن يتعبّد بقرارات الشريعة.
ونلاحظ أيضاً : أنّ الأمر بالسؤال مفرّع على قوله : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاّ رِجَالاً نُوحِي إلَيْهِمْ» ، والتفريع يمنع عن انعقاد إطلاقٍ في متعلّق السؤال لكي يثبت الأمر بالسؤال في غير مورد المفرّع عليه وأمثاله. هذا ، على أنّ مورد الآية لا حجّيّة فيه لأخبار الآحاد ؛ لأنّه يرتبط باصول الدين.
وإذا قطعنا النظر عن كلّ ذلك فالاستدلال يتوقّف على حمل أهل الذِكر على العلماء والرواة ـ لا أهل النبوّات السابقة ـ بحمل الذِكر على العلم ، لا على الرسالة الإلهيّة.
وأمّا السنّة فلابدّ لكي يصحّ الاستدلال بها في المقام أن تكون ثابتةً بوسيلةٍ من وسائل الإحراز الوجدانيّ ، ولا يكفي ثبوتها بخبر الواحد ؛ لئلاّ يلزم الدور. وهنا
__________________
(١) النحل : ٤٣