بوصفه قيداً فيثبت بذلك أنّه دخيل في موضوع الحكم المراد جدّاً ، وعلى أساس ذلك قامت قاعدة احترازيّة القيود ، كما تقدّم. غير أنّ ذلك إنّما يقتضي دخل الوصف في شخص الحكم ، وانتفاء هذا الشخص الذي سيق الكلام لإبرازه بانتفاء الوصف ، لا انتفاء طبيعيّ الحكم ، وما نقصده بالمفهوم انتفاء الطبيعيّ.
الثاني : أنّه لو كان يجب إكرام الفقير العادل والفقير غير العادل ولو بفردَين من الوجوب وبجعلَين لَما كانت هناك فائدة في ذكر المولى لقيد العدالة ؛ لأنّه لو لم يذكره وجاء الخطاب مطلقاً لَما أضرَّ بمقصوده ، وإذا لم تكن هناك فائدة في ذكر القيد كان لغواً ، فيتعيّن ـ لصيانة كلام المولى عن اللغويّة ـ أن يفترض لذكر القيد فائدة ، وهي التنبيه على عدم شمول الحكم للفقير غير العادل ، فيثبت المفهوم.
وهذا البيان وإن كان متّجهاً ولكنّه إنّما يقتضي نفي الثبوت الكلّيِّ الشامل للحكم في حالات انتفاء الوصف ، ولا ينفي ثبوته في بعض الحالات مع انتفائه في حالاتٍ اخرى ، إذ يكون لذكر القيد عندئذٍ فائدة وهي التحرّز عن هذه الحالات الاخرى ؛ لأنّه لو لم يذكر لَشمل الخطاب كلّ حالات الانتفاء.
فالوصف إذن له مفهوم محدود ، ويدلّ على انتفاء الحكم بانتفاء الوصف على نحو السالبة الجزئية ، لا على نحو السالبة الكلّيّة.
وينبغي أن نلاحظ في هذا المجال أنّ الوصف : تارةً يذكر مع موصوفه فيقال مثلاً : «احترِم العالمَ الفقيه» ، واخرى يذكر مستقلاًّ فيقال : «احترِم الفقيه». والوجه الأوّل لإثبات المفهوم للوصف لو تمّ يجري في كلتا الحالتين ، وأمّا الوجه الثاني فيختصّ بالحالة الاولى ؛ لأنّ ذكر الوصف في الحالة الثانية لا يكون لغواً ـ على أيّ حالٍ ـ ما دام الموصوف غير مذكور.