ولكن لم يربط ذلك بالتمسّك بالإطلاق في المعاني الحرفية ، وظلّ الطلبة يكرِّرون أنّ البحث في المعاني الحرفية لا أثر له ، وبُحث الوجوب التخييريّ والكفائيّ بحثاً تحليلياً ، ولكن لم يربط ذلك بأثره في التمسّك بالإطلاق أو الأصل العمليّ عند الشكّ في نوعية الواجب ، وبدا كأنّه بحث تحليليّ بحت.

ومن هنا لم يحرص أيضاً على وضع كثيرٍ من النكات والمباحث في موضعها الواقعيّ وبصيغةٍ تتناسب مع كلّيتها وأهمّيتها ، وإنّما دُسّت دساً في مقام علاج مشكلةٍ ، أو دفع توهّم ، أو اثيرت من خلال تطبيقٍ من تطبيقاتها. ومن الواضح أنّ الممارس العالم يستطيع من خلال ذلك أن يضع النكتة في موضعها الواقعيّ ويعطيها حدودها المناسبة ، ولكن قلّما يُتاح ذلك للطالب ، فيبقى فهمه لتلك النكات والمطالب فهماً تجزيئياً وضمن دوائر محدودة.

خذ مثالاً على ذلك : أركان تنجيز العلم الإجماليّ الأربعة التي عرضناها في الحلقة الثانية ، فإنّ الكتب التي تتحدّث عنها حينما تناولت منجّزية العلم الإجماليّ لم تضع لها أركانها بصيغها الفنية العامّة ، وإنّما عقدت تنبيهات لحالاتٍ جزئيةٍ طبّقت من خلالها ضمناً تلك الأركان إثباتاً ونفياً ، وفي حالةٍ من هذا القبيل لن يخرج الطالب غالباً بصورةٍ محدّدةٍ ورؤيةٍ واضحةٍ لهيكل تنجيز العلم الإجماليّ بما يشتمل عليه من قواعد وأركان.

ومن هنا لم يحرص أيضاً على اجتناب استعمال مصطلحاتٍ لم يأتِ بعدُ تفسيرها ؛ لأنّ الحديث في تلك الكتب مع العالم ، لا مع الطالب ، والعالم محيط بتلك المصطلحات منذ البدء ، ولهذا نجد في الصفحة الاولى من الكفاية استعمال مصطلح حجّية الظن بناءً على تقرير دليل الانسداد على الحكومة ، وهو مصطلح لا يكشف النقاب عنه إلاّفي أواسط الجزء الثاني من الكتاب.

المبرِّر الثالث : وهو أيضاً ناتج عن الحالة العامة التي لوحظت في المبرّر

۴۷۲۱