ومنها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لولا أن أشُقَّ على امّتي لأمرتهم بالسواك» (١). وتقريبه : أنّ الأمر لو كان يشمل الاستحباب لَما كان الأمر مستلزماً للمشقّة كما هو ظاهر الحديث.

ومنها : التبادر ، فإنّ المفهوم عرفاً من كلام المولى حين يستعمل كلمة الأمر أنّه في مقام الإيجاب والإلزام ، والتبادر علامة الحقيقة.

وأمّا صيغة الأمر فقد ذكرت لها عدّة معانٍ ، كالطلب ، والتمنّي ، والترجّي ، والتهديد ، والتعجيز ، وغير ذلك ، وهذا في الواقع خلط بين المدلول التصوّريّ للصيغة والمدلول التصديقيّ الجدِّي لها باعتبارها جملةً تامّة.

وتوضيحه : أنّ الصيغة ـ أي هيئة فعل الأمر ـ لها مدلول تصوّريّ ، ولا بدّ أن يكون من سنخ المعنى الحرفيّ ، كما هو الشأن في سائر الهيئات والحروف ، فلا يصحّ أن يكون مدلولها نفس الطلب بما هو مفهوم اسميّ ، ولا مفهوم الإرسال نحو المادّة ، بل نسبة طلبيّة أو إرساليّة توازي مفهوم الطلب أو مفهوم الإرسال ، كما توازي النسبة التي تدلّ عليها «إلى» مفهوم «الانتهاء».

والعلاقة بين مدلول الصيغة ـ بوصفه معنىً حرفيّاً ـ ومفهوم الإرسال أو الطلب تُشابِه العلاقة بين مدلول «من» و «إلى» و «في» ومدلول «الابتداء» و «الانتهاء» و «الظرفيّة» ، فهي علاقة موازاة لا ترادف.

ونقصد بالنسبة الطلبيّة أو الإرسالية : الربط المخصوص الذي يحصل بالطلب أو بالإرسال بين المطلوب والمطلوب منه ، أو بين المرسَل والمرسَل إليه ، وهذا هو المدلول التصوّريّ للصيغة الثابت بالوضع.

وللصيغة باعتبارها جملةً تامّةً مكوّنةً من فعلٍ وفاعلٍ مدلولٌ تصديقيّ جدّي

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ : ١٧ ، الباب ٣ من أبواب السواك ، الحديث ٤

۴۷۲۱