من تلازمهما في الصدق.
ويوجد في هذا المجال اتّجاهان :
أحدهما للمشهور ، وهو : أنّ دليل الحجّية كلّما استُفِيد منه جعل الحجّية لشيءٍ بوصفه أمارةً على الحكم الشرعيّ كان ذلك كافياً لإثبات لوازمه ومدلولاته الالتزاميّة ، وعلى هذا الأساس وضعوا قاعدةً مؤدّاها : أنّ مثبتات الأمارات حجّة ، أي أنّ الأمارة كما يعتبر إثباتها لمدلولها المطابقيّ حجّةً ، كذلك إثباتها لمدلولها الالتزامي.
والاتّجاه الآخر للسيّد الاستاذ (١) ، حيث ذهب إلى أنّ مجرّد قيام دليلٍ [على] حجّيّة أمارةٍ على أساس ما لها من كشفٍ عن الحكم الشرعيّ لا يكفي لذلك ، إذ من الممكن ثبوتاً أنّ الشارع يتعبّد المكلّف بالمدلول المطابقي من الأمارة فقط ، كما يمكنه أن يتعبّده بكلّ ما تكشف عنه مطابقةً أو التزاماً ، وما دام كلا هذين الوجهين ممكناً ثبوتاً فلا بدّ لتعيين الأخير منهما من وجود إطلاقٍ في دليل الحجّية يقتضي امتداد التعبّد وسريانه إلى المداليل الالتزاميّة.
والصحيح هو الاتّجاه الأوّل ؛ وذلك لأنّنا عرفنا سابقاً (٢) أنّ الأمارة معناها الدليل الظنّيّ الذي يُستظهر من دليل حجّيته : أنّ تمام الملاك لحجّيته (٣) هو كشفه بدون نظرٍ إلى نوع المنكشف ، وهذا الاستظهار متى ما تمّ في دليل الحجّية كان كافياً لإثبات الحجّية في المدلولات الالتزاميّة أيضاً ؛ لأنّ نسبة كشف الأمارة إلى المدلول المطابقيّ والالتزاميّ بدرجةٍ واحدةٍ دائماً ، وما دام الكشف هو تمام الملاك للحجّية بحسب الفرض فيعرف من دليل الحجّية أنّ مثبتات الأمارة كلّها حجّة.
__________________
(١) راجع مصباح الاصول ٣ : ١٥٥
(٢) سبق تحت عنوان : الامارات والاصول
(٣) في الطبعة الاولى : بحجّيته. والأولى ما أثبتناه