ونذكر على سبيل المثال لما استجدّ من مطالب : أفكار باب التزاحم ، وما أشاده الميرزا من مسلك جعل الطريقية بتعميقاته وتفريعاته في مسائل قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي ، وحكومة الأمارات على الاصول ، ورفع قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ بجعل الحجيّة ، وفكرة جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية بآثارها الممتدّة في كثيرٍ من أبحاث علم الاصول ، كبحث الواجب المشروط والشرط المتأخّر ، والواجب المعلّق ، وأخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم ، والوجه الجديد لبحث المعاني الحرفية الذي يختلف اختلافاً أساسياً عن الصورة الغريبة التي تخلقها آراء صاحب الكفاية في ذهن الطالب.
فإنّ هذه المطالب وغيرها ممّا أصبحت تشكّل محاور للفكر الاصوليّ الحديث هي نتاج الفترة المتأخّرة الذي يظلّ طالب السطوح جاهلاً به تماماً ، إلى أن يواجه أبحاث الخارج وهو لا يملك تصوّراتٍ ابتدائية أو وسطى عن تلك المطالب.
فالطالب لكي يتسلّل من كتب السطح إلى درس الخارج كأ نّه يكلّف بطفرة ، وبأن يقطع في لحظةٍ مسافةً لم يقطعها علم الاصول خلال تطوّره التدريجيّ إلاّفي مائة عام.
وكأنّ اختيار الكتب الدراسية من مراحل مختلفةٍ للفكر الاصوليّ نشأ من الشعور بلزوم التدرّج في الكتب الدراسية من الأبسط إلى الأعمق ، ولمّا كان علم الاصول في وضعه على عهد صاحب المعالم أبسط منه في عهد صاحب القوانين ، وفي هذا العهد أبسط منه في عهد الرسائل والكفاية فقد لوحظ أنّ هذا يحقّق التدرّج المطلوب إذا جعل الكتاب الدراسيّ الأوّل نتاج مرحلةٍ قديمةٍ من علم الاصول ، وما يتلوه نتاج مرحلةٍ متأخّرة ، وهكذا.
وهذا الشعور يشتمل على حقيقةٍ وعلى خطأ :
أمّا الحقيقة فهي لزوم التدرّج في الكتب الدراسية من الأبسط إلى الأعمق ،