لازم ما ذكرنا أنّه إذا ثبت الربا في جنسٍ فلا يجوز بيعه جزافاً
العلاّمة : «والمراد بالمكيل والموزون هنا جنسه وإن لم يدخلاه لقلّته كالحبّة والحبّتين من الحنطة ، أو لكثرته كالزبرة (١)» (٢) ، ولازم ذلك يعني اشتراط دخول الربا في جنسٍ باشتراط الكيل والوزن في صحّة بيعه ـ : أنّه إذا ثبت الربا في زماننا في جنسٍ ؛ لثبوت كونه مكيلاً أو موزوناً على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لزم أن لا يجوز بيعه جزافاً ، وإلاّ لم يصدق ما ذكروه : من اشتراط الربا باشتراط التقدير في صحّة بيعه.
وبالجملة ، فتلازم الحكمين أعني دخول الربا في جنسٍ ، واشتراط بيعه بالكيل أو الوزن ممّا لا يخفى على المتتبّع في كتب الأصحاب.
ما ثبت كونه مكيلاً أو موزوناً في عصره صلّى الله عليه وآله فهو ربويّ ولا يجوز بيعه جزافاً
وحينئذٍ فنقول : كلّ ما ثبت كونه مكيلاً أو موزوناً في عصره صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو ربويٌّ في زماننا ولا يجوز بيعه جزافاً ، فلو فرض تعارف بيعه جزافاً عندنا كان باطلاً وإن لم يلزم غررٌ ؛ للإجماع ، ولما عرفت : من أنّ اعتبار الكيل والوزن لحكمة سدّ باب نوع الغرر لا شخصه (٣) ، فهو حكمٌ لحكمةٍ غير مطّردة ، نظير النهي عن بيع الثمار قبل الظهور لرفع التنازع ، واعتبار الانضباط في المسلَم فيه ؛ لأنّ في تركه مظنّة التنازع والتغابن ، ونحو ذلك (٤).
والظاهر كما عرفت من غير واحد (٥) أنّ المسألة اتّفاقية.
__________________
(١) الزبرة : القطعة من الحديد ، والجمع : زبر (الصحاح ٢ : ٦٦٦).
(٢) القواعد ١ : ١٤١.
(٣) تقدّم في الصفحة ٢١٤.
(٤) في «ف» : ونحوه.
(٥) راجع الصفحة ٢٢٦.