البائع. وأمّا فوات منفعته مدّةً رجاء الظفر به فهو ضرر قد أقدم عليه ، وجهالته غير مضرّة مع إمكان العلم بتلك المدّة كضالّة يعلم أنّها لو لم توجد بعد ثلاثة أيام فلن (١) توجد بعد ذلك. وكذا في المغصوب والمنهوب.
والحاصل : أنّه لا غرر عرفاً بعد فرض كون اليأس عنه في حكم التلف المقتضي لانفساخ البيع من أصله ، وفرض عدم تسلّط البائع على مطالبته بالثمن ، لعدم تسليم المثمن ؛ فإنّه لا خطر حينئذٍ في البيع ، خصوصاً مع العلم بمدّة الرجاء التي يفوت الانتفاع بالمبيع فيها.
الجواب عمّا ذكر في منع الغرر
هذا ، ولكن يدفع جميع ما ذكر : أنّ المنفيّ في حديث الغرر كما تقدّم (٢) هو ما كان غرراً في نفسه عرفاً مع قطع النظر عن الأحكام الشرعيّة الثابتة للبيع ؛ ولذا قوّينا فيما سلف (٣) جريان نفي الغرر في البيع المشروط تأثيره شرعاً بالتسليم. ومن المعلوم أنّ بيع الضالّ وشبهه ليس محكوماً عليه في العرف بكونه في ضمان البائع ، بل يحكمون بعد ملاحظة إقدام المشتري على شرائه بكون تلفه منه ، فالانفساخ بالتلف حكمٌ شرعيٌّ عارضٌ للبيع الصحيح الذي ليس في نفسه غرراً عرفاً.
عدم ارتفاع الغرر بالحكم بكون الصحّة مراعى بالتسليم
وممّا ذكر يظهر : أنّه لا يجدي في رفع (٤) الغرر الحكم بصحّة البيع مراعى بالتسليم ، فإن تسلّم قبل مدّة لا يفوت الانتفاع المعتدّ به ، وإلاّ تخيّر بين الفسخ والإمضاء كما استقربه في اللمعة (٥) فإنّ ثبوت الخيار
__________________
(١) في «ف» و «خ» : لن.
(٢) راجع الصفحة ١٨٩.
(٣) راجع الصفحة ١٨٨.
(٤) في «خ» : نفي.
(٥) اللمعة الدمشقية : ١١١.