المشار إليه اليد والعصا وهما مؤنثان ، ولكن المبتدأ عين الخبر في المعنى ، والبرهان مذكر ، ومثله : ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتَهُمْ إلاّ أَنْ قالُوا﴾ (الأنعام / ٢٣) فيمن نصب الفتنة وأنّث الفعل.
ومنها : قولهم : «إنّ أحداً لا يقول ذلك» فأوقع أحداً في الإثبات ; لأنه نفس الضمير المستتر في «يقول» ، والضمير في سياق النفي فكأن «أحداً» كذلك.
تنبيهان
الأول : أنه وقع في كلامهم أبلغ مما ذكرنا من تنزيلهم لفظاً موجوداً منزلمة لفظ آخر؛ لكونه تمعناه ، وهو تنزيلهم اللفظ المعدوم الصالح للوجود بمنزلة الموجود كما في قول زهير بن أبي سُلمى :
٤٥٠ ـ بدالي أني لست مدرك ما مضى
ولا سابق شيئاً إذا كان جائيا(١)
وقد مصى ذلك.
والثاني : أيه ليس بلازم أن يعطي الشيء حكم ما هو في معناه ، ألا تري أن المصدر قد لا يعطى حكم «أنً أو أن» وصلتهما ، وبالعكس؟ دليل الأول : أنهم لم يعطوه حكمهما في جواز حذف الجار ، ولا في سدهما مسد جزأي الإسناد ، ث مإنهم شرّكوا بين «أنّ وأن» في هذه المسألة في باب «ظن» وخَصّوا «أن» الخفيفة وصلتها بسد هما مسد هما في باب «عسى» وخصوا الشديدة بذلك في باب «لو». ودليل الثاني : أنهما لا يعطيان حكمه في النيابة عن ظرف الزمان ، تقول : «عدبت من قيامك» و «عجبت أن تقوم ، وأنك قائم» ولا يجوز : «عجبت قيامك» وشذ قول الفضل بن عبدالرحمن القرشي :
__________________
١ ـ تقدم برقم ٣٢١ و ٣٧٥ و ٣٨٥.