وأما المنصوب اسماً ، فقال بعضهم في قوله تعالى : ﴿وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطْان مارِد﴾ (الصافات / ٧) : إنه عطف على معنى ﴿إنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَة الْكَواكِبِ﴾ (الصافات / ٦) وهو إنا خلقنا الكواكب في السماء الدنيا زينة للسماء ، ويحتمل أن يكون مفعولا لأجله أو مفعولا مطلقاً ، وعليهما فالعامل محذوف ، أي : وحفظاً من كل شيطان زيناها بالكواكب ، أو وحفظناها حفظاً.
وأما المنصوب فعلا فكقراءة بعضهم : ﴿وَدُّوا لَوْتُدْهِنُ فَيُدْهِنُوا﴾ (القلم / ٩) حملا على معنى ودوا أن تدهن.
وأما في المركبات فقد قيل في قوله تعالى : ﴿وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرّياحَ مُبَشّرات وَلِيُذِيقَكُمْ﴾ (١) (الروم / ٤٦) : إنه على تقدير ليبشركم وليذيقكم ، ويحتمل أن التقدير : وليذيقكم وليكون كذا وكذا أرسلها ، وهو أولى ; لأن إضمار الفعل لدلالة المعنى عليه أسهل من العطف على المعنى.
تنبيه
من العطف على المعنى على قول البصريين نحو : «لألزمنك أو تقضيني حقي» ; إذ النصب عندهم بإضمار «أن» و «أن» والفعل في تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهم ، أي : ليكوننّ لزوم مني أو قضاء منك لحقي ، ومنه : ﴿تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُوا﴾ (الفتح / ١٦) في قراءة اُبيّ بحذف النون ، وأما قراءة الجمهور بالنون فبالعطف على لفظ ﴿تُقاتِلُونَهُمْ﴾ أو على القطع بتقدير : أو هم يسلمون ، ومثله : «ما تأتينا فتحدثنا» بالنصب ، أي ما يكون منك إتيان فحديث ، ومعنى هذا نفي الإتيان فينتفي الحديث ، أي : ما تأتينا فكيف تحدثنا ، أو نفي الحديث فقط حتى كأنه
__________________
١ ـ تتمته : ﴿مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.