يقدر المتعلق فعلا فيجب التأخير ; لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ في مثل هذا.
والثاني : نحو متعلق باء البسملة الشريفة ; فإن الزمخشري قدره مؤخراً عنها ; لأن قريشاً كانت تقول : باسم اللات والعزى نفعل كذا ; فيؤخرون أفعالهم عن ذكر ما اتخذوه معبوداً لهم تفخيماً لشأنه بالتقديم ; فوجب على الموحد أن يعتقد ذلك في اسم الله تعالى ; فإنه الحقيق بذلك ، ثم اعترض بـ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ (العلق / ١) وأجاب بأنها أول سورة نزلت ، فكان تقديم الأمر بالقراءة فيها أهم ، وأجاب عنه السكاكي بتقديرها متعلقة بـ ﴿اقْرَأْ﴾ (١) (العلق / ٣) الثاني. واعترضه بعضهم باستلزامه الفصل بين المؤكد وتأكيده بمعمول المؤكد. وهذا سهو منه ; إذ لا توكيد هنا ، بل اُمر أولا بإيجاد القراءة ، وثانياً بقراءة مقيدة ، ونظيره : ﴿الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الاْنْسانَ﴾ (العلق / ١ و ٢) ومثل هذا لا يسميه أحد توكيداً ، ثم هذا الإشكال لازم له على قوله : إن الباء متعلقة بـ (اقرأ) الأول ; لأن تقييد الثاني إذا منع من كونه توكيداً فكذا تقييد الأول ثم لو سلم ففصل الموصوف من صفته بمعمول الصفة جائز باتفاق ، كـ «مررت برجل عمراً ضارب» فكذا في التوكيد ، وقد جاء الفصل بين المؤكد والمؤكد في ﴿وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ (الأحزاب / ٥١) مع أنهما مفردان ، والجمل أحمل للفصل.
تنبيه
ذكروا أنه إذا اعترض شرط على آخر نحو : «إن أكلتِ إن شربتِ فأنت طالق» فإن الجواب المذكور للسابق منهما ، وجواب الثاني محذوف مدلول عليه بالشرط الأول وجوابه ، كما قالوا في الجواب المتأخر عن القسم والشرط ، ولهذا
__________________
١ ـ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾. (العلق / ١ ـ ٣).