أميرالمؤمنين عليهالسلام : «الفقر الموت الأكبر» (١) بخلاف نحو قوله عليهالسلام : «ولكنه إله واحد كما وصف نفسه» (٢) وحذف المضاف في نحو جاءني غلام زيد بخلاف نحو : ﴿وَجآءَ رَبُّكَ﴾ (الفجر / ٢٢) ، وحذف المبتدأ إذا كان ضمير الشأن ; لأن مابعده جملة تامة مستغنية عنه ، ومن ثم جاز حذفه في باب «إنّ» نحو : «إن بك زيد مأخوذ» ; لأن عدم المنصوب دليل عليه.
وقال الجمهور : لايجوز «لاتدن من الأسد يأكلك» بالجزم ; لأن الشرط المقدر إن قدر مثبتاً ـ أي : فإن تدن ـ لم يناسب فعل النهي الذي جعل دليلا عليه ، وإن قدر منفياً ـ أي : فإلاّتدن ـ فسد المعنى ، بخلاف «لا تدن من الأسد تسلم» ; فإن الشرط المقدر منفي ، وذلك صحيح في المعنى والصناعة.
ولك أن تجيب عن الكسائي في إجازته الجزم بأنه يقدر الشرط مثبتاً مدلولا عليه بالمعنى لا باللفظ ; ترجيحاً للقرينة المعنوية على القرينة اللفظية وهذا وجه حسن إذا كان المعنى مفهوماً.
تنبيهان
أحدهما : أن دليل الحذف نوعان : الأول : غير صناعي ، وينقسم إلى حالي ومقالي كما تقدم ، والثاني : صناعي ، وهذا يختص بمعرفته النحويون ; لأنه إنما عرف من جهة الصناعة ، وذلك كقولهم في «قمت وأصكّ عينه» : إن التقدير : وأنا أصك ; لأن واو الحال لا تدخل على المضارع المثبت الخالي من «قد» ، وفي ﴿وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ﴾ (الأحزاب / ٤٠) : إن التقدير : ولكن كان رسول الله ; لأن ما بعد «لكن» ليس
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ح ١٥٤ / ١١٦٦.
٢ ـ تحف العقول : ٥٥.