«أجمع» وما يتصرف منه في باب التوكيد ، يجب تجريده من ضمير المؤكد ، وأما قولهم : «جاء القوم بأجمعهم» فهو بضم الميم لابفتحها ، وهو جمع لقولك : «جمع» على حد قولهم : «فلس وأفلس» والمعنى : جاؤوا بجماعتهم ، ولو كان توكيداً لكانت الباء فيه زائدة ; فكان يصح إسقاطها.
النوع السادس عشر : اشتراطهم لبناء بعض الأسماء أن تقطع عن الإضافة كـ «قبل وبعد وغير» ، ولبناء بعضها أن تكون مضافة ، وذلك «أيّ» الموصولة ; فإنها لاتبنى إلا إذا اُضيفت وكان صدر صلتها ضميراً محذوفاً ، نحو : ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ﴾ (مريم / ٦٩).
ومن الوهم في ذلك : قول ابن الطراوة : (هم أشد) مبتدأ وخبر ، و «أي» مبنية مقطوعة عن الإضافة ، وهذا مخالف لرسم المصحف ولإجماع النحويين.
الجهة السابعة : أن يحمل كلاماً على شيء ، ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ، وله أمثلة :
الأول : قولهم في ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ (القصص / ٦٢) ، إن التقدير : تزعمونهم شركاء ، والأولى أن يقجر : تزعمون أنهم شركاء؛ بدليل : ﴿وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ﴾ (الأنعام / ٩٤) ، ولأن الغالب على «رعم» ألا يقع على المفعولين صريحاً ، بل على «أن» وصلتها ، ولم نقع في التنزيل إلّا كذلك.
ومثله في هذا الحكم : «تعلم» ، قال أنس بن زنيم :
٤٢٠ ـ تعلم رسول الله أنك مدركي
وأن وعيداً منك كالأجذ باليد (١)
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ٤ / ٦٦.