الأصل النهي ، ثم اُخرج مخرج الخبر ، ويؤيده أن بعده ﴿وَقُولُوا﴾ ، ﴿وأَقِيمُواْ﴾ ﴿وَآتُواْ).
مسألة
قال ثعلب : لاتقع جملة القسم خبراً ، فقيل في تعليله : لأن نحو : «لأفعلن» لامحل له ، فإذا بني على مبتدأ فقيل : «زيد ليفعلن» صار له موضع ، وليس بشيء ; لأنه إنما منع وقوع الخبر جملة قسمية ، لا جملة هي جواب القسم ، ومراده أن القسم وجوابه لايكونان خبراً ; إذ لاتنفك إحداهما عن الاُخرى ، وجملتا القسم والجواب يمكن أن يكون لهما محل من الإعراب كقولك : «قال زيد : اُقسم لأفعلن» وإنما المانع عنده إما كون جملة القسم لاضمير فيها فلاتكون خبراً ; لأن الجملتين هاهنا ليستاكجملتي الشرط والجزاء ; لأن الجملة الثانية ليست معمولة لشيء من الجملة الاُولى ، ولهذا منع بعضهم وقوعها صلة ، وإما كون جملة القسم إنشائية ، والجملة الواقعة خبراً لابد من احتمالها للصدق والكذب ، ولهذا منع قوم من الكوفيين منهم ابن الأنباري أن يقال : «زيد اضربه ، وزيد هل جاءك؟».
وبعدُ فالصواب : أن كلاًّ من التعليلين ملغى.
أما الأول : فلأن الجملتين مر تبطتان ارتباطاً صارتا به كالجملة الواحدة وإن لم يكن بينهما عمل ، وزعم ابن عصفور أن السماع قد جاء بوصل الموصول بالجملة القسمية وجوابها ، وذلك قوله تعالى : ﴿وَإِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ (هود / ١١١) قال : فـ «ما» موصولة لا زائدة ، وإلا لزم دخول اللام على اللام ، انتهى. وليس بشيء ; لأن امتناع دخول اللام على اللام إنما هو لأمر لفظي وهو ثقل التكرار ، والفاصل يزيله ولو كان زائداً ، ولهذا اكتفي بالألف فاصلة بين النونات في «اذهبنان» وبين الهمزتين في ﴿آ أَنْذَرْتَهُمْ﴾ (البقرة / ٦) وإن كانت زائدة ، وكان الجيد أن يستدل بقوله تعالى : ﴿وإنّ منكم لَمَن لَيُبَطِّئنَّ﴾ (النساء / ٧٢)