قيل : «ما تأتينا محدثاً» أي : بل غير محدث.
ويجوز رفعه فيكون إما عطفاً على «تأتينا» فيكون كل منهما داخلا عليه حرف النفي ، أو على القطع فيكون موجباً ، وذلك واضح في نحو : «ما تأتينا فتجهل أمرنا» و «لم تقرأ فتنسى» ; لأن المراد إثبات جهله ونسيانه ، ولأنه لو عطف لجزم «تنسى». وأما إجازتهم ذلك في المثال السابق فمشكلة ; لأن الحديث لايمكن مع عدم الإتيان ، وقد يوجه قولهم بأن يكون معناه : ما تأتينا في المستقبل فأنت تحدثنا الآن عوضاً عن ذلك.
وللاستئناف وجه آخر ، وهو أن يكون على معنى السببيّة وانتفاء الثاني لانتفاء الأول ، وهو أحد وجهي النصب ، وهو قليل ، وعليه قول مويلك المزموم :
٣٨٨ ـ فلقد تركتِ صبيّة مرحومة
لم تدرِ ما جزعٌ عليكِ فتجزع (١)
أي : لو عرفت الجزع لجزعت ، ولكنها لم تعرفه فلم تجزع.
تنبيه
«لا تأكل سمكاً وتشرب لبناً» إن جزمت فالعطف على اللفظ ، والنهي عن كل منهما ، وإن نصبت فالعطف عند البصريين على المعنى ، والنهي عند الجميع عن الجمع ، أي : لايكن منك أكل سمك مع شرب لبن ، وإن رفعت فالمشهور أنه نهي عن الأول وإباحة للثاني ، وأن المعنى : ولك شرب اللبن ، وتوجيهه أنه مستأنف ، فلم يتوجه إليه حرف النهي.
__________________
١ ـ شرح أبيات مغني اللبيب : ٧ / ٥٩.