بترك الضرب.
ومن ذلك : قوله تعالى : ﴿ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُون﴾ (القلم / ٢) الباء متعلقة بالنفي ; إذ لو علقت بـ «مجنون» لأفاد نفي جنون خاص ، وهو الجنون الذي يكون من نعمة الله تعالى ، وليس في الوجود جنون هو نعمة ، ولا المراد نفي جنون خاص ، انتهى ملخصاً. وهو كلام بديع ، إلا أن جمهور النحويين لا يوافقون على صحة التعلق بالحرف ، فينبغي على قولهم أن يقدر أن التعلق بفعل دل عليه النافي ، أي : انتفى ذلك بنعمة ربك.
ذكر ما لايتعلق من حروف الجر
يستثنى من قولنا : «لابد لحرف الجر من متعلق» ستة اُمور :
أحدها : الحرف الزائد كالباء في قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كفى بالموت واعظاً وكفى بالتقى غنىً» (١) الحديث. و «من» في قوله تعالى : ﴿هَلْ مِنْ خالِق غَيْرُاللهِ﴾ (فاطر / ٣) وذلك لأن معنى التعلق : الارتباط المعنوي ، والأصل أن أفعالاً قصرت عن الوصول إلى الأسماء فاُعينت على ذلك بحروف الجر ، والزائد إنما دخل في الكلام تقوية له وتوكيداً ، ولم يدخل للربط.
نعم يصح في اللام المقوية أن يقال : إنها متعلقة بالعامل المقوى ، نحو : ﴿مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ﴾ (البقرة / ٩١) ; لأن التحقيق أنها ليست زائدة محضة ; لما تخيل في العامل من الضعف الذي نزله منزلة القاصر ، ولا معدية محضة ; لاطراد صحة إسقاطها ، فلها منزلة بين المنزلتين.
الثاني : «لعل» في لغة عقيل ; لأنها بمنزلة الحرف الزائد ، ألا ترى أن مجرورها
__________________
١ ـ تحف العقول : ٣٠.