لأن الحديث في الفعل لا في المباشر.
الثالث : قول كثير من النحويين في قوله تعالى : ﴿إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ (الحجر / ٤٢) : إنه دليل على جواز استثناء الأكثر ، والصواب : أن المراد بالعباد المخلصون لا عموم المملوكين ، وأن الاستثناء منقطع ; بدليل سقوطه في آية سبحان : ﴿إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلا﴾ (الإسراء / ٦٥).
الجهة التاسعة : ألا يتأمل عند وجود المشتبهات ، ولذلك أمثله :
أحدها : نحو : «زيد أحصى ذهناً ، وعمرو أحصى مالا» فإن الأول على أن «أحصى» اسم تفضيل ، والمنصوب تمييز ، مثل : «أحسن وجهاً» ، والثاني على أن «أحصى» فعل ماض ، والمنصوب مفعول ، مثل : ﴿وَأَحْصى كُلَّ شَيء عَدَداً﴾ (الجن / ٢٨).
ومن الوهم : قول بعضهم في ﴿أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً﴾ (الكهف / ١٢) : إنه من الأول ; فإن الأمد ليس محصياً بل محصى ، وشرط التمييز المنصوب بعد «أفعل» كونه فاعلاً في المعنى كـ «زيد أكثر مالا» ، بخلاف «مال زيد أكثر مال».
الثاني : نحو قول أميرالمؤمنين عليهالسلام : «والناس منقوصون مدخولون إلاّ مَن عصم الله» (١) ; فإن الثاني خبر أو صفة للخبر ، ونحو قولك : «زيد رجل صالح» فإن الثاني صفة لا غير ; لأن الأول لا يكون خبراً على انفراده ; لعدم الفائدة ، ومثلهما : «زيد عالم يفعل الخير» و «زيد رجل يفعل الخير».
وزعم الفارسي أن الخبر لا يتعدد مختلفاً بالإفراد والجملة ، فيتعين عنده
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ح ٣٣٥ / ١٢٤٧.