توجيه الحكم بالاستحباب
ويمكن توجيه كلامهم بإرادة التفقّه الكامل ليطّلع على مسائل الربا الدقيقة والمعاملات الفاسدة كذلك ، ويطّلع على موارد الشبهة والمعاملات الغير الواضحة الصحّة فيجتنب عنها في العمل ، فإنّ القدر الواجب هو معرفة المسائل العامّة البلوى ، لا الفروع الفقهيّة المذكورة في المعاملات.
ويشهد للغاية الأُولى قوله عليهالسلام في مقام تعليل وجوب التفقّه : «إنّ الربا أخفى من دبيب النملة على الصفا» (١) ، وللغاية الثانية قول الصادق عليهالسلام في الرواية المتقدّمة : «من لم يتفقّه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات» (٢) ، لكن ظاهر صدره الوجوب ، فلاحظ.
وقد حكي توجيه كلامهم بما ذكرنا عن غير واحد (٣). ولا يخلو عن وجهٍ في مقام التوجيه.
كفاية التقليد في مسائل التجارات
ثمّ إنّ التفقّه في مسائل التجارة لمّا كان مطلوباً للتخلّص عن المعاملات الفاسدة التي أهمّها الربا الجامعة بين أكل المال بالباطل وارتكاب الموبقة الكذائيّة لم يعتبر فيه كونه عن اجتهاد ، بل يكفي فيه التقليد الصحيح ، فلا تعارض بين أدلّة التفقّه هنا ، وأدلّة تحصيل المعاش.
توهّم التعارض بين أدلّة طلب العلم وأدلّة طلب الاكتساب
نعم ، ربما أُورد (٤) في هذا المقام وإن كان خارجاً عنه التعارض
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٢٨٢ ، الباب الأوّل من أبواب آداب التجارة ، الحديث الأوّل.
(٢) تقدّمت في الصفحة ٣٣٨.
(٣) لم نعثر على حكاية هذا التوجيه بعينه في كلام الفقهاء ، نعم يظهر ممّا قاله المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٨ : ١١٦ وصاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٤٥١ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ١٣٢ ، وفيه : بل قد يجب كما في إيضاح النافع.
(٤) أورده صاحب الحدائق في الحدائق ١٨ : ٩ و ١٥ وغيره.