من طيّب الاكتساب ، ونهى عن طلب الخبيث للمعيشة والإنفاق ، فمن لم يعرف فرق ما بين الحلال من المكتسب والحرام لم يكن مجتنباً للخبيث من الأعمال ، ولا كان على ثقةٍ في تفقّهٍ (١) من طيّب الاكتساب ، وقال تعالى أيضاً ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ (٢) ، فينبغي أن يعرف البيع المخالف للربا ليعلم بذلك ما أحلّ الله وحرّم من المتاجر والاكتساب. وجاءت الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان يقول : «من اتّجر بغير علمٍ فقد ارتطم في الربا ، ثمّ ارتطم» (٣).
ثمّ قال : قال الصادق عليهالسلام : «من أراد التجارة فليتفقّه في دينه ؛ ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه ، ومن لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات» (٤) ، انتهى (٥).
ظاهر كلام الشيخ المفيد الوجوب من باب المقدّمة
أقول : ظاهر كلامه رحمهالله الوجوب ، إلاّ أنّ تعبيره بلفظ «ينبغي» ربما يُدّعى ظهوره في الاستحباب ، إلاّ أنّ الإنصاف (٦) أنّ ظهوره ليس بحيث يعارض (٧) ظهور ما في كلامه في الوجوب من باب المقدّمة ، فإنّ معرفة الحلال والحرام واجبةٌ على كلّ أحدٍ بالنظر إلى ما يبتلى به (٨) من
__________________
(١) في «ن» و «ص» : نفقةٍ ، والصواب : «نفقته» ، كما في نسخة من المصدر.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) الوسائل ١٢ : ٢٨٣ ، الباب الأوّل من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٢.
(٤) الوسائل ١٢ : ٢٨٣ ، الباب الأوّل من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٤.
(٥) المقنعة : ٥٩٠ ٥٩١.
(٦) لم ترد «أنّ الإنصاف» في «ف».
(٧) في غير «ف» و «ش» : «يتعارض» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.
(٨) في «ف» : «يبتنى عليه» ، وفي «م» و «ع» : يبتنى به.