(الزخرف / ٨٤) والله إله واحد سبحانه وتعالى. وعلى الثاني قوله تعالى : ﴿زِدْناهُمْ عَذاباً فَوقَ الْعَذابِ﴾ (النحل / ٨٨) والشيء لايكون فوق نفسه. وعلى الثالث قوله تعالى : ﴿هَلْ جَزآءُ الاْحْسانِ إِلاَّ الاْحسانُ﴾ (الرحمن / ٦٠) فإن الأول العمل والثاني الثواب. وعلى الرابع ﴿يَسْألُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّمآءِ﴾ (النساء / ١٥٣) ، فإن ادعي أن القاعدة فيهن إنما هي مستمرة مع عدم القرينة ، فأما إن وجدت قرينة فالتعويل عليها ، سهل الأمر.
ومنها : قولهم : يغلّب المؤنث المذكر في مسألتين : إحداهما : «ضَبْعان» في تثنية «ضَبْع» للمؤنث و «ضِبْعان» للمذكر ; إذ لم يقولوا : «ضِبْعانان» والثانية : التأريخ فإنهم أرخوا بالليالي دون الأيام. ذكر ذلك الجرجاني وجماعة ، وهو سهو ; فإن حقيقة التغليب : أن يجتمع شيئان فيجري حكم أحدهما على الآخر ، ولا يجتمع الليل والنهار ، ولا هنا تعبير عن شيئين بلفظ أحدهما ، وإنما أرخت العرب بالليالي ; لسبقها ; إذ كانت أشهرهم قمرية والقمر إنما يطلع ليلا ، وإنما المسألة الصحيحة قولك : «كتبته لثلاث بين يوم وليلة» وضابطها : أن يكون معنا عدد مميز بمذكر ومؤنث ، وكلاهما مما لايعقل ، وفُصِلا من العدد بكلمة «بين» قال النابغة الجعدي :
٤٤٦ ـ فطافت ثلاثاًبين يوم وليلة
كان النكير وأن تضيف وتَجْأرا(١)
ومنها : قولهم في «كاد» : إثباتها نفي ، ونفيها إثبات ، فإذا قيل : «كاد يفعل» فمعناه : أنه لم يفعل ، وإذا قيل : «لم يكد يفعل» فمعناه : أنه فعله ، دليل الأول : ﴿وَإِنْ كادُوْا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ﴾ (الإسراء / ٧٣) ودليل الثاني : ﴿وَما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾ (البقرة / ٧١).
والصواب : أن حكمها حكم سائر الأفعال في أن نفيها نفي وإثباتها إثبات ،
__________________
١ ـ شرح أبيات مغني اللبيب : ٨ / ٢٣.