أن «الأذين» في معنى المؤذّن ، فأخرجه بالتأويل من باب الصفة المشبهة إلى باب اسم الفاعل ، والذي قدمه الزمخشري أنه وجميع ما قبله أبدال ، أما أنه بدل فلتنكيره ، وكذا المضافان قبله وإن كانا من باب اسم الفاعل؛ لأن المراد بهما المستقبل وأما البواقي فللناسب ، ورد على الزداد في جعله (شديد العقاب) بدلاً ما قبله صفات ، وقال : في جعله بدلاً وحده من بين الصفات نبوّ ظاهر.
ومن الوهم في الثاني : قول الجاحظ في بيت الأعشى :
٤١١ ـ ولست بالأكثر منهم حصى
وإنما العزة للكاثر (١)
: إنه يبطل قول النحويين : لا تجتمع «أل» و «من» في اسم التفضيل ، فجعل كلا من «أل» و «من» معتداً به جارياً على ظاهره ، والصواب : أن تقدر «أل» زائدة ، أو معرفة و «من» متعلقة بـ «أكثر» منكراً محذوفاً مبدلا من المذكور أو بالمذكور على أنها بمنزلتها في قولك : «أنت منهم الفارس البطل» أي : أنت من بينهم ، وقول بعضهم : إنها متعلقة بـ «ليس» قديردّ بأنها لا تدل على الحدث عند من قال في أخواتها : إنها تدل عليه ، ولأن فيه فصلا بين «أفعل» وتمييزه بالأجنبي ، وقد يجاب بأن الظرف يتعلق بالوهم ، وفي «ليس» رائحة قولك : «انتفى» ، وبأن فصل التمييز قد جاء في الضرورة في قول العباس بن مرداس :
٤١٢ ـ على أنني بعد ماقد مضى
ثلاثون للهجر حولا كميلا (٢)
و «أفعل» يأقوى في العمل من «ثلاثون».
ومن ذلك : قول الزمخشري في ﴿إنَّما أَعظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقومُوا للهِ﴾ (سبأ / ٦٦) : إن «أن تقوموا» عطف بيان على ﴿آياتٌ بَيِّناتٌ﴾ (آل عمران / ٩٧) مع اتفاق
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ٢ / ٩٠٢.
٢ ـ شرح شواهد المغني : ٢ / ٩٠٨.