مصداق الطغيان على المولى ، والخروج عن زيّ الرقية ومراسم العبودية وتجاسر وتعد عليه ، ولا يشك العقل في قبح هذه العناوين بمحققاتها ، بعين الملاك الذي يدركه في المعصية الحقيقيّة ، إذ لا فرق بينها وبين التجري ، من هذه الجهة أصلاً ، لعدم صلوح المصادفة للواقع وعدمها التي هي أمر خارج عن الاختيار لأن يكون فارقاً بين البابين.

إلا أنّ هذا القبح العقلي لا يمكن أن يستكشف منه الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة حتى يثبت بها حرمة الفعل المتجرّى به بالعنوان الثانوي كما ادّعي ، فان مورد القاعدة ما إذا كان الحكم العقلي واقعاً في سلسلة علل الأحكام لا ما إذا كان متأخراً عن الحكم الشرعي وواقعاً في طوله كما في المقام ، حيث إنّ حكم العقل بالقبح المزبور إنما هو بعد فرض ثبوت حكم من قبل الشارع كي تكون مخالفته طغياناً عليه وخروجاً عن زيّ الرقية كما هو الحال في المعصية الحقيقية ، غايته أنّ الحكم المفروض اعتقادي في المقام وواقعي في ذاك الباب وهو غير فارق كما لا يخفى.

فكما أنّ حكم العقل بقبح المعصية يستحيل أن يستتبع حكماً شرعياً وإلا لتسلسل ، إذ ذاك الحكم أيضاً يحكم العقل بقبح عصيانه فيستتبع حكماً شرعياً آخر وله أيضاً معصية أُخرى فيستتبع حكماً آخر وهلمّ جرّا ، فكذا في المقام حرفاً بحرف وطابق النعل بالنعل ، وتمام الكلام في محله.

وعليه فالفعل المتجرّى به باق على ما كان عليه من الجواز بالمعنى الأعم (١) ،

__________________

(١) ليت شعري بعد الاعتراف باتصاف الفعل المتجرّى به بالقبح الفعلي وكونه مصداقاً للطغيان المساوق للمبغوضية الفعلية كيف يمكن اتصافه بالعبادة ، وهل يكون المبغوض محبوباً والمبعّد مقرّباً ، وهل المناط في امتناع اجتماع الأمر والنهي الذي يبنى ( دام ظله ) عليه شي‌ء غير هذا. وعلى الجملة : ما يكون بالحمل الشائع مصداقاً للطغيان وموجباً للخروج عن زيّ الرقية والعبودية ، لا بد وأن يكون مبعّداً ، ومعه لا يعقل أن يكون مقرّبا. ومنه تعرف أنّ الحكم بالبطلان في المقام لا يبتني على استكشاف الحكم الشرعي ليناقش فيه بما

۳۹۰۱