يكون المحل جراً ، فقال بعد ما حكى قول الخليل : ولو قال إنسان إنه جر ، لكان قولا قوياً ، وله نظائر ، نحو قولهم : «لاهِ أبوك» ، وأما نقل جماعة منهم ابن مالك : أن الخليل يرى أن الموضع جر ، وأن سيبويه يرى أنه نصب ، فسهو.
ومما يشهد لمدعي الجر قوله تعالى : ﴿وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أحَداً﴾ (الجن / ١٨) ، أصله : لا تدعوا مع الله أحداً ، لأن المساجد لله. ولايجوز تقديم منصوب الفعل عليه إذا كان «أن» وصلتها ، لا تقول : «أنك فاضل عرفت».
وهنا معد ثامن ذكره الكوفيون ، وهو تحويل حركة العين ، يقال : كسي زيد ، بوزن «فرح» فيكون قاصراً ، فإذا فتحت السين صار بمعنى «ستر وغطّى» وتعدى إلى واحد ، كقول امرئ القيس :
٤٠٣ ـ وأركبُ في الروع خيفانة
كسا وجهها سَعَفٌ منتشر (١)
أو بمعنى «أعطى كسوة» وهو الغالب ، فيتعدى إلى اثنين ، نحو : «كسوت زيداً جبة» ، قالوا : وكذلك «شترت عينه» ، بكسر التاء قاصر بمعنى «انقلب جفنها» ، و «شتر الله عينه» بفتحها متعد بمعنى «قلّبها» ، وهذا عندنا من باب المطاوعة ، يقال : شتره فشتِر ، كما يقال : ثرمه فثرِم ، وثلمه فثلِم ، ومنه : كسوته الثوب فكسيه.
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ٢ / ٦٣٦.