لامبتدأ ، وأجاز هذه بعض البصريين ; لأنهم لم يشترطوا المحرز ، وإنما منعوا الاُولى لمانع آخر ، وهو توارد عاملين : «إن» والابتداء ، على معمول واحد وهو الخبر ، وأجازهما الكوفيون ; لأنهم لايشترطون المحرز ، ولأن «إنّ» لم تعمل عندهم في الخبر شيئاً ، بل هو مرفوع بما كان مرفوعاً به قبل دخولها ، ولكن شرط الفراء لصحة الرفع قبل مجيء الخبر خفاء إعراب الاسم ; لئلا يتنافر اللفظ ، ولم يشترطه الكسائي كما أنه ليس بشرط بالاتفاق في سائر مواضع العطف على اللفظ. وحجتهما قوله تعالى : ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابئونَ﴾ (المائدة / ٦٩) الآية (١) ، وقولهم : «إنك وزيد ذاهبان». واُجيب عن الآية بأمرين : أحدهما : أن خبر «إن» محذوف ، أي : مأجورون أو آمنون أو فرحون ، و «الصابئون» مبتدأ وما بعده الخبر. ويضعفه أنه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه وإنما الكثير العكس. والثاني : أن الخبر المذكور لـ «إن» وخبر «الصابئون» محذوف ، أي : كذلك. ويضعفه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها.
وعن المثال بأمرين : أحدهما : أنه عطف على توهم عدم ذكر «إن». والثاني : أنه تابع لمبتدأ محذوف ، أى : إنك أنت وزيد ذاهبان. وعليهما خرج قولهم : «إنهم أجمعون ذاهبون».
المسألة الثالثة : «هذا ضارب زيد وعمراً» بالنصب.
المسألة الرابعة : «أعجبني ضربُ زيد وعمرو» بالرفع أو «وعمراً» بالنصب ، منعهما الحذاق ; لأن الاسم المشبه للفعل لا يعمل في اللفظ حتى يكون بـ «أل» أو منوناً أو مضافاً ، وأجازهما قوم تمسكاً بظاهر قوله تعالى : ﴿وَجاعِلِ الّيْلِ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً﴾ (الأنعام / ٩٦) وقول الشاعر : (٢)
__________________
١ ـ ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
٢ ـ شرح أبيات مغني اللبيب : ٧ / ٤٦.