وأبعد منه قول أبي عمرو في قوله تعالى ﴿إِنَّ الّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾ (فصلت / ٤١) : إن خبره ﴿أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكان بَعِيد﴾ (فصلت / ٤٤).
وأبعد من هذا قول الكوفيين والزجاج في قوله تعالى ﴿ص وَالْقُرْانِ ذِي الذِّكْرِ﴾ (ص / ١) ; إن جوابه ﴿إنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ﴾ (ص / ٦٤).
والصواب : خلاف ذلك كله.
فأما ﴿وَقِيلِهِ﴾ (الزخرف / ٨٨) ، فيمن خفض ، فقيل : الواو للقسم وما بعده الجواب ، واختاره الزمخشري ، وأما من نصب ، فقيل : عطف على ﴿سِرَّهُمْ﴾ (الزخرف / ٨٠) ، أو على مفعول محذوف معمول لـ : ﴿يَكْتُبُونَ﴾ (الزخرف / ٨٠) ، أو لـ ﴿يَعْلَمُونَ﴾ (الزخرف / ٨٦) ، أي : يكتبون ذلك ، أو يعلمون الحق ، أو أنه مصدر لـ : «قال» محذوفاً ، أو نصب على إسقاط حرف القسم ، واختاره الزمخشري.
وأما ﴿إِنَّ الّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾ (فصلت / ٤١) ، فقيل : «الذين» بدل من «الذين» في : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ﴾ (فصلت / ٤٠) ، والخبر ﴿لا يَخْفَونَ﴾ (فصلت / ٤٠) ، واختاره الزمخشري ، وقيل : مبتدأ ، خبره مذكور ، ولكن حذف رابطه ، ثم اختلف في تعيينه ، فقيل : هو ﴿ما يُقالُ لَكَ﴾ (فصلت / ٤٣) ، أي : في شأنهم ، وقيل : هو ﴿لَمّا جآءَهُمْ﴾ (فصلت / ٤١) ، أي : كفروا به ، وقيل : ﴿لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ﴾ (فصلت / ٤٢) ، أي لا يأتيه منهم ، وهو بعيد ; لأن الظاهر أن (لا يأتيه) من جملة خبر «إنه».
وأما ﴿ص وَالْقُرْانِ﴾ (ص / ١) الآية ، فقيل : الجواب محذوف ، أي : إنه لمعجز ; بدليل الثناء عليه بقوله : ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ (ص / ١) ، أو «إنك لمن المرسلين» بدليل : ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جآءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ (ص / ٤) ، أو «ما الأمر كما زعموا» بدليل : ﴿وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ (ص / ٤) ، وقيل : مذكور ، فقال الأخفش : ﴿إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) (ص / ١٤) ، وقال الفراء وثعلب : (ص) ; لأن معناها :