بالعبادة ولم يتحقّق بعدها ذلك الشرط كشف هذا عن أن ما تحقّق لم تكن هي الحصّة الخاصّة المأمور بها فلا محالة تقع باطلة ، فالشرط المتأخر أمر ممكن.
وإنّما الكلام في دلالة الدليل عليه في مقام الإثبات ، والصحيح أنه لا دليل على اشتراط العبادة بعدم العجب المتأخِّر ، لأن أكثر الأخبار الواردة في المقام كما تأتي في الجهة الخامسة إن شاء الله تعالى ضعيفة سنداً. على أنها قاصرة الدلالة على بطلان العبادة بالعجب ، فلا يمكن الاعتماد عليها في الأحكام الشرعية. على أنا لو فرضناها صحيحة من حيث الدلالة والسند أيضاً لم نكن نلتزم ببطلان العبادة بالعجب المتأخِّر وذلك للقطع بعدم كونه مبطلاً لها ، فلا مناص من تأويل تلك الأخبار وحملها على نفي الثواب ، وذلك لأن العجب ليس بأعظم من الكفر المتأخِّر ، فلو أنّ المكلّف كفر ثمّ أسلم لم تجب عليه إعادة أعماله السابقة فضلاً عن قضائها ، لأنه لا يوجب بطلان الأعمال المتقدِّمة فكيف بالعجب المتأخِّر ، ولا نحتمل أن يجب على من عمره سبعون سنة مثلاً وقد أتاه العجب في ذلك السن قضاء جميع أعماله السابقة شرعاً ، فلا بدّ من تأويل ما دلّ على بطلانها بالعجب لو فرضنا دلالة الأخبار الآتية عليه وتماميتها سنداً ودلالة.
وأمّا ما ورد من أن سيّئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك (١) فمعناه أن السيّئة بعد الندم عليها الذي هو المراد من قوله تسوءك تتبدّل بالحسنة ، لأن التائب من ذنب كمن لا ذنب له ، والتوبة عبادة موجبة للتقرّب من الله تعالى. وأظن أن قوله تعالى ﴿ فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ﴾ (٢) إنما فسرت بالتوبة بعد المعصية لأنها عبادة ونتيجتها حسنة ، وهذا بخلاف العبادة التي توجب العجب ، لأنه يذهب بثواب العبادة فلا يبقى فيها حسنة كما يبقى في التوبة بعد السيّئة ، ولا يستلزم
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠٥ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٢٢ ، وبمضمونها روايات أُخرى في نفس الباب.
(٢) الفرقان ٢٥ : ٧٠.