[٥٧٨] مسألة ٣٩ : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلّى ثمّ تيقن بطلان
جريانها بما إذا كان الشك في صحّة العمل وفساده حادثاً بعد العمل ، والأمر في المقام ليس كذلك ، لأنه كان شاكاً في وضوئه وصحّة صلاته والحال هذه قبل الصلاة ، وإنما غفل عنه ثمّ عاد بعد العمل ، نعم هو مغاير مع الشك الزائل بالغفلة عقلاً ، لأن المعدوم والزائل غير الفرد الحادث بعد العمل وإنما هما متماثلان ولكنه هو هو بعينه بالنظر العرفي ، ومن هنا يقال إنه عاد ، فكأن الشك قد خفي في خزانته ثمّ برز بعد العمل ، فإذا كان الشك بعد العمل هو بعينه الشك قبله لا تجري فيه قاعدة الفراغ (١) هذا.
على أنا ذكرنا في بحث قاعدة الفراغ أن القاعدة إنما تجري فيما إذا شك بعد العمل في كيفيته ، وأنه أتى به ملتفتاً إلى شرائطه وأجزائه ومراعياً لهما أو أتى به فاقداً لبعض ما يعتبر فيه ، وأما إذا علم بغفلته حال العمل وعدم مراعاته الشروط والأجزاء وإنما يحتمل انطباق المأمور به عليه من باب الصدفة والاتفاق فهو ليس بمورد للقاعدة لعدم كونه أذكر حال العمل منه حين يشك ، ولا كان أقرب إلى الحق منه بعده ، وهو الذي عبرنا عنه بانحفاظ صورة العمل (٢) تبعاً لشيخنا الأُستاذ قدسسره (٣) وعليه فالقاعدة لا مجال لها كما أن الاستصحاب لا يجري.
فانحصر الحكم ببطلان الصلاة ووجوب الإعادة والقضاء في الصورة الأُولى بقاعدة الاشتغال وعدم إحراز الامتثال بإتيان الوظيفة في وقتها فتجب عليه الإعادة والقضاء ، إذن لا فرق بين الصورة الأُولى والثانية في وجوب الإعادة والقضاء ، فإنه في كلتا الصورتين بملاك واحد وهو كونه مأموراً بالامتثال بقاعدة الاشتغال ، ولم يحرز إتيانه بالوظيفة في وقتها فيجب عليه إعادتها في الوقت أو قضاؤها خارجه ، لعدم إتيانه بالوظيفة في وقتها.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٩٣.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٣٠٩.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥١.