[٥٨٤] مسألة ٤٥ : إذا تيقّن ترك جزء أو شرط من أجزاء أو شرائط الوضوء (١) فإن لم تفت الموالاة رجع وتدارك وأتى بما بعده وأمّا إن شكّ في ذلك
الإتيان به ثانياً ، بل وإعادة الفريضة إذا كان قد أتى بها بعد الوضوء. ولا تعارضها القاعدة في وضوء القراءة لأن صحّته وفساده مما لا أثر له ، فإن القراءة مع الطّهارة مستحبّة في كل وقت ، لا أنها مع الوضوء بعد ذلك تدارك للقراءة السابقة مع الحدث.
ومن ذلك يظهر أنه لا يفرق فيما ذكرناه بين فرض وقوع حدث بين الوضوءين وعدمه ، لأن القاعدة في الصورة التي ذكرناها غير جارية في وضوء القراءة كما عرفت ، أحدث بين الوضوءين أم لم يحدث.
والصورة الثانية : ما إذا توضأ مرّة للصلاة الواجبة ثمّ قبل أن يخرج وقتها توضأ مرّة أُخرى للقراءة ولم يحدث بعده ، فحصل له علم إجمالي ببطلان أحد الوضوءين. ففي هذه الصورة تكون قاعدة الفراغ في وضوء الفريضة معارضة بقاعدة الفراغ في وضوء القراءة ، لأن صحّته وفساده في مفروض المسألة مما يترتب له أثر ، حيث إنه لو صحّ لم يستحب الوضوء للقراءة بعد ذلك لأنه مع الطّهارة ، وإن كان باطلاً يستحب له الوضوء وتحصيل الطّهارة للقراءة لاستحباب القراءة مع الطّهارة ، وقد مرّ أن الأُصول إذا تعارضت في أطراف العلم الإجمالي وتساقطت كان احتمال التكليف بنفسه في كل من الطرفين موجباً للاحتياط لقاعدة الاشتغال ، لأنه من غير مؤمن لتساقط الأُصول ، سواء كان الحكم في أطرافه إلزامياً أم غير إلزامي. ولعل هذه الصورة خارجة عن إطلاق كلام الماتن وإلاّ فإطلاق عبارته مورد للمناقشة.
(١) فإن فاتت الموالاة يحكم ببطلان وضوئه لفقده شرطاً من شروط صحّته وهو الموالاة ، وأما إذا لم تفت فيعود إلى الجزء المتروك ويأتي به وببقيّة أجزائه تحصيلاً للترتيب المعتبر بأدلّته. هذا على أن المسألة منصوصة كما في صحيحة زرارة الآتية « وإن تيقنت أنك لم تتم وضوءك فأعد على ما تركت يقيناً حتى تأتي على الوضوء » (١).
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٦٩ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ١.