وكذا المقارن (١) وإن كان الأحوط فيه الإعادة.
كون السيّئة المتعقبة بالندم خيراً من العبادة المتعقبة بالعجب بطلانَ تلك العبادة بوجه. فالمتحصل أن العجب المتأخر لا يقلب العبادة الواقعة مطابقة للأمر عما وقعت عليه من الصحّة.
وهذا بناء على ما سلكناه في محلِّه من أن الأجر والثواب ليسا من جهة استحقاق المكلّف أو الأُجرة وإنما هما من باب التفضل ، لأن الامتثال والطاعة التي أتى بها المكلّف من وظائف العبودية ، والإتيان بوظيفة العبودية لا يوجب الثواب لأنه عبد عمل بوظيفته (١) ، فالثواب تفضل منه سبحانه وقد قال عزّ من قائل ﴿ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ﴾ (٢) أمر ظاهر ، لأن التفضّل بالثواب إنما هو فيما إذا لم يتعقب العمل بالعجب الذي هو من الملكات القبيحة والأخلاق السيّئة وإن لم يكن محرماً تكليفا.
(١) هذه هي الجهة الخامسة من الكلام في العجب ، وأن العبادة هل تبطل بالعجب المقارن؟ وحاصل الكلام فيها أنه كالعجب المتأخر غير موجب لبطلان العبادة ، وإن نقل المحقِّق الهمداني عن السيِّد المعاصر قدسسره بطلانها بكل من العجب المقارن والمتأخِّر (٣) ، إلاّ أن المشهور عدم البطلان مطلقاً وهو الصحيح ، وذلك لعدم دلالة الدليل على البطلان بالعجب ، نعم العجب يوجب بطلان العبادة في مقام إعطاء الثواب فلا يثاب بها عاملها ، لا في مقام الامتثال حتى تجب إعادتها فضلاً عن قضائها والأخبار الواردة في المقام أيضاً لا دلالة لها على بطلان العبادة بالعجب المقارن فضلاً من المتأخِّر ، وهي جملة من الأخبار :
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٣٩٥.
(٢) النور ٢٤ : ٢١.
(٣) مصباح الفقيه ( الطهارة ) ١٢١ : السطر ٢١.