فالمتأخِّر منه لا يبطل العمل (١)
نهج البلاغة من أن إعجاب المرء بعمله أو بنفسه دليل على ضعف عقله (١) ، فهو أمر حاصل في النفس من قلّة العقل والجهل وغير قابل لأن يتعلّق به حكم شرعي بوجه.
(١) هذه هي الجهة الرابعة من الكلام في العجب وحاصلها : أن العجب المتأخِّر هل يوجب بطلان العمل وإن قلنا بعدم حرمته ، وذلك لإمكان أن يكون حدوث هذا الأمر والصفة موجباً لبطلان العمل شرعاً ، أو لا يوجبه وإن أوجب حبط ثوابها؟ وهي التي تعرض لها الماتن قدسسره وحكم بعدم بطلان العمل بالعجب المتأخر وهذا هو المشهور بين الأصحاب ( قدس الله أسرارهم ) بل ادعي عليه الإجماع.
إلاّ أن المحقق الهمداني قدسسره نقل عن السيِّد المعاصر قدسسره والظاهر أنه السيِّد علي في كتابه البرهان بطلان العبادة بالعجب المتأخر فضلاً عن مقارنة مستدلاًّ عليه بظواهر الأخبار الواردة في الباب ، وقد أورد عليه باستحالة الشرط المتأخِّر وأن العمل بعد ما وقع مطابقاً للأمر وبعد ما حكم الشارع عليه بالصحّة يستحيل أن ينقلب عمّا وقع عليه بحدوث ذلك الأمر المتأخِّر ، وأمّا الإجازة في البيع الفضولي فلا نلتزم بكونها شرطاً متأخِّراً وإنما نلتزم هناك بالكشف الحكمي (٢).
هذا ولكنّا ذكرنا في محلِّه أن الشرط المتأخِّر ممّا لا استحالة فيه ولا مانع من اشتراط العمل بأمر متأخِّر ، لأنّ مرجعه إلى تقيد العمل بأن يأتي بعده بأمر كذا فالواجب هو الحصّة الخاصة من العمل وهو الذي يتعقب بالشرط (٣) ، فإذا أتى
__________________
(١) رواها الكليني رحمهالله أيضاً في الأُصول [ الكافي ١ : ٢٧ / ٣١ ] بسنده عن أمير المؤمنين عليهالسلام وفيه : إعجاب المرء بنفسه. الوسائل ١ : ١٠٠ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٦.
(٢) مصباح الفقيه ( الطهارة ) ١٢١ : السطر ٢٢.
(٣) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٣٠٨.