[٥٦٨] مسألة ٢٩ : الرِّياء بعد العمل ليس بمبطل (١).


بطلان العبادة لا محالة لأنها هتك محرم والمحرّم لا يقع مصداقاً للواجب ، بل وكذلك الأمر فيما إذا لم يكن قاصداً له وإنما التفت إلى أنه هتك لأنه أيضاً يكفي في الحرمة والبطلان.

نعم إذا فرضنا أن المحرّم لم ينطبق على العمل كما في المثال ، بأن كان عمله هذا مقدمة قصد بها التوصّل إلى الحرام ولم يكن عمله محرماً في نفسه فيبتني الحكم بحرمته على ما حررناه في بحث الأُصول من أن مقدّمة الحرام إذا قصد بها التوصل إلى الحرام هل يحكم بحرمتها شرعاً أو لا؟ وقد ذكرنا هناك أن المحرّم إنما هو ذات الحرام والمقدّمة وإن قصد بها التوصّل إلى المحرّم لا تتصف بالحرمة شرعاً وإن كانت طغياناً وتجرياً على المولى (١) ، فإذا لم يكن العمل المقصود به التوصّل إلى الحرام محرماً اندرج بذلك في كبرى الضميمة المباحة لا محالة وأتى فيه التفصيل المتقدم آنفاً ، فإن كان قصد ذلك الأمر المباح جزءاً من داعي العمل ، أو كان داعياً مستقلا مع عدم كون الداعي الإلهي مستقلا في الداعوية يحكم ببطلان العمل ، وهذا لا لأنه محرم حيث قصد به التوصل إلى الحرام ، إذ قدمنا عدم حرمة المقدمة بذلك ، بل لأن العبادة لم تصدر عن داع قربي مستقل في داعويته وإن كان ما قصده مباحاً كما مرّ ، وأما إذا صدرت العبادة عن الداعي الإلهي المستقل ولم يكن ذلك الأمر المباح موجباً للدعوة أصلاً أو كان داعياً مستقلا ، فلا محالة يحكم بصحّة العبادة كما عرفت.

الرِّياء بعد العمل‌

(١) لا يتحقق الرِّياء بعد العمل على وجه الحقيقة ، لأنه بمعنى أدائه العمل للغير ومع انقضاء العبادة وانصرافها كيف يمكن إراءتها للغير ، نعم لا مانع من تحقق ما هو‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٩.

۴۴۰