فيه بين زيد العالم وزيد الجاهل ، فإن ظهور العام في العموم لما كان حجّة ولم تقم على خلافه حجّة أقوى يكون متبعاً ، ولازمه حمل الدليل المنفصل على التخصيص « لزيد الجاهل » لأن الأدلّة اللفظية كما أنها تعتبر في مداليلها المطابقية كذلك تعتبر في مداليلها الالتزامية لا محالة.
وعليه فظهور الصحيحة في عدم جريان قاعدة التجاوز عند الشكّ في أثناء الوضوء حيث لم يزاحمه مانع أقوى يتبع ، ولازمه رجوع الضمير في قوله عليهالسلام : « في غيره » في الموثقة إلى الوضوء لا إلى كلمة « شيء » هذا كله. على أن في نفس الموثقة قرينة على رجوع الضمير إلى الوضوء ، وهو ذيلها أعني قوله عليهالسلام : « وإنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه » فإن هذا التعبير أعني الكون في شيء وعدم التجاوز عنه حين الشك فيه إنما يصح إطلاقه فيما إذا كان شيء مركب قد شك في جزء منه ولم يتجاوز عن ذلك المركب وهو ظاهره العرفي ، نعم لو كان عبر بقوله : إنما الشك في شيء لم يجزه ، لم يكن له هذا الظهور ، ولكن تعبيره بالكون في شيء مع عدم التجاوز عنه مع الشك مما لا إشكال في ظهوره في إرادة الشيء المركب من عدّة أجزاء قد شك في جزء منه قبل الفراغ عن المركب.
فالمتحصل : أن مقتضى القرينة الخارجية أعني كون ظهور العام مفسراً للإجمال في الدليل المنفصل عنه والقرينة الداخلية وهي أقربية الوضوء إلى الضمير من كلمة « شيء » وذيل الموثقة يقتضيان رجوع الضمير إلى الوضوء ، ومعه لا موجب لحمل الصحيحة على خلاف ظاهرها لعدم التنافي بينها وبين الموثقة ، كما أن الصحيحة واردة على طبق القاعدة لا أن العمل بها على خلاف القاعدة وإنما ثبت بالإجماع.
بقي هنا شيء
وهو أنّا إن خصّصنا جريان قاعدة التجاوز بخصوص الصلاة دون غيرها من المركّبات ، فلا إشكال حينئذ في الأخذ بإطلاق ذيل الموثقة الذي دلّ على عدم جريان قاعدة التجاوز مع عدم التجاوز عن المركب ، حيث قال : « وإنما الشك في شيء لم