أن قاعدة الفراغ هل تجري في الوضوء الأوّل أو الصلاة في نفسها حتى تتقدم على استصحاب الحدث أو أنها لا تجري فللكلام جهتان :
الجهة الاولى : في أن قاعدة الفراغ هل تجري في نفس الصلاة؟ والجهة الثانية : في جريانها في الوضوء الأوّل وعدمه.
أمّا الجهة الأُولى فالتحقيق أن القاعدة غير جارية في نفس الصلاة سواء قلنا بجريانها في الوضوء أم لم نقل. أما إذا قلنا بجريانها في الوضوء فلأجل أنه لا يبقى معه شك في صحّة الصلاة حتى تجري فيها القاعدة ، لأن الشك فيها مسبب عن الشك في الوضوء ومع الحكم بصحّته بالقاعدة لا يبقى شك في صحّة الصلاة ، إذ الأصل الجاري في السبب حاكم على الأصل الجاري في المسبب. وأما إذا لم نقل بجريانها في الوضوء ولو بدعوى أنه طرف للعلم الإجمالي ببطلانه أو بطلان الوضوء التجديدي كما يأتي فلأن قاعدة الفراغ كما ذكرناه غير مرّة إنما تجري فيما إذا كانت صورة العمل غير محفوظة حين الشك في صحّته ، بأن يشك في أنه هل أتى به مطابقاً للمأمور به أم فاقداً لبعض شرائطه أو أجزائه. وأما إذا كانت صورة العمل محفوظة كما إذا علم أنه توضأ من هذا المائع الموجود بين يديه وهو مشكوك الإطلاق والإضافة مثلاً أو صلّى إلى تلك الجهة وهي مشكوك كونها قبلة ولكنه احتمل صحّته لأجل مجرد المصادفة الاتفاقية فهي ليست مورداً للقاعدة ، لاعتبار أن يكون المكلّف أذكر حال العمل منه حينما يشك (١) وأن يكون أقرب إلى الحق منه بعده (٢) كما في رواياتها ، وهو غير متحقق عند كون صورة العمل محفوظة ، والأمر في المقام كذلك ، لأن صلاته هذه إنما وقعت بذلك الوضوء الأوّل الذي يشك في صحّته وفساده ، فالصلاة خارجة عن موارد القاعدة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٧١ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٧. وهي مضمرة بكير بن أعين ، قال : الرجل يشك بعد ما يتوضأ ، قال : هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٧ ح ٣. وفيه : وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك.