يتعلّق يقين بوجوده التفصيلي ولا على نحو الإجمال. وأمّا إذا أُريد منه الاستصحاب الكلي بإجرائه في الجامع بين الحدث فيما قبل الزوال وبين الحدث فيما بعد الزوال ، فلا ينطبق عليه الكبرى المتقدّمة.
حيث إنّ لنا يقيناً بوجود الحدث الجامع ونشك في بقائه ، لأنه إن كان متحققاً فيما قبل الزوال فهو مقطوع الارتفاع ، وإن كان متحققاً فيما بعده فهو مقطوع البقاء ولتردده بينهما شككنا في بقاء الحدث الجامع ، والشك في بقائه في الأزمنة المتأخرة متصل إلى زمان اليقين بوجوده على نحو الإجمال. وعليه فحال المقام حال القسم الثاني من أقسام الكلي بعينه ، والفرق بينهما أن الجامع هناك إنما كان بين فردين عرضيين ، وأما في المقام فالحدث الجامع إنما هو بين فردين طوليين أعني الحدث فيما قبل الزوال والحدث فيما بعده ، فيأتي فيه جميع ما أوردوه على جريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي ، من أن أحد الفردين أعني الفرد القصير كالحدث الأصغر فيما إذا تردد الحدث الصادر بين أن يكون هو الأصغر أو الأكبر معلوم الارتفاع والآخر أعني الفرد الطويل كالحدث الأكبر مشكوك الحدوث من الابتداء والأصل عدمه فأين يجري فيه الاستصحاب.
والجواب عنه هو الجواب ، وهو أنه إنما يتمّ لو قلنا بجريانه في الشخص ، وأما إذا أجريناه في الجامع بين الباقي والزائل فلا إشكال في أنا علمنا بتحققه ونشك الآن في بقائه فيجري فيه الاستصحاب ، فإن العلم بارتفاع الفرد لا ينافي العلم بوجود الكلي وحيث إن العلم بالطّهارة علم بفرد وهو الطّهارة الواقعة في أوّل الزوال فهو لا ينافي العلم بجامع الحدث بين الفرد المرتفع والفرد الباقي ، فإذا أجرينا فيه الاستصحاب فلا محالة تقع المعارضة بينه وبين استصحاب الطّهارة فيسقطان بالمعارضة. فالإنصاف أنه لا فرق بين هذه الصورة وبين صورة الجهل بتأريخ كل من الحدث والوضوء. وأمّا بقيّة الوجوه التي ذكروها في تقريب الكبرى المتقدّمة فهي غير قابلة للتعرّض.