نسياناً لم يبطل (*) بخلاف ما لو كان أصل الاستعمال مضرّاً وتوضأ جهلاً أو نسياناً فإنّه يمكن الحكم ببطلانه (**) (١)
منها : أن استعمال الماء زائداً على أقل ما يجزئ من الغسل في الوضوء إذا كان مضراً في حق المكلّف ، وقد توضأ على نحو تعدّد الوجود بأن غسل كلا من مواضع الوضوء أوّلاً بأقل ما يجزئ في غسله ، وبعده صب عليه الماء زائداً وهو الذي فرضناه مضرّاً في حقِّه فلا إشكال في صحّة وضوئه ، لأن الاستعمال المضر إنما هو خارج عن المأمور به فلا يكون موجباً لبطلانه ، بلا فرق في ذلك بين علمه وجهله ونسيانه.
ومنها : ما إذا توضأ والحال هذه على نحو وحدة الوجود ، بأن صبّ الماء مرّة واحدة زائداً على أقل ما يجزئ في وضوئه ، والحكم ببطلان الوضوء في هذه الصورة يبتني على القول بحرمة الإضرار بالنفس مطلقاً ، لأنه حينئذ محرم ومبغوض للشارع والمبغوض لا يمكن أن يكون مصداقاً للواجب ومقرباً للمولى بوجه. وأما إذا أنكرنا حرمته على وجه الإطلاق وإن كان بعض مراتبه محرماً بلا كلام فلا يبقى موجب للحكم ببطلان الوضوء ، لأنه مأمور بالوضوء على الفرض لتمكّنه من الوضوء بأقل ما يجزئ وهو غير مضر في حقه ، فإذا لم يكن الفرد محرماً فلا محالة تنطبق عليه الطبيعة المأمور بها ويكون الإتيان به مجزياً في مقام الامتثال ، بلا فرق حينئذ بين علمه بالضرر وبين جهله ونسيانه.
ومنها : ما إذا توضأ بصب الماء مرّة واحدة زائداً على أقل ما يجزئ في غسله ومع فرض الضرر من القسم المحرّم أو مع البناء على حرمة مطلق الإضرار ، ولا بدّ من التفصيل حينئذ بين صورة العلم بالضرر وصورة نسيانه.
(١) أمّا إذا كان عالماً بالحال فلا إشكال في الحكم ببطلان ذلك الوضوء ، لأنه محرم
__________________
(*) الظاهر عدم الفارق بين صورتي الجهل والعلم.
(**) لا يمكن ذلك في فرض النسيان ، ويختص البطلان في فرض الجهل بما إذا كان الضرر مما يحرم إيجاده.